تشير توقعات حديثة من بنك جيه بي مورجان إلى أن أسعار **النفط** قد تشهد انخفاضًا كبيرًا في السنوات المقبلة، مما يثير قلق المنتجين والمستثمرين على حد سواء. فبعد عام شهد استقرارًا نسبيًا، يرى المحللون أن ديناميكيات العرض والطلب قد تتغير بشكل كبير بحلول عام 2027، مع توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة الإنتاج من مصادر غير تقليدية. يأتي هذا التقييم في ظل انخفاض سعر النفط بنسبة 15% خلال العام الحالي.
يُظهر تحليل البنك استمرارًا في نمو المعروض من النفط بوتيرة أسرع من زيادة الطلب عليه. وتأتي هذه الزيادة بشكل رئيسي من أمريكا الشمالية، وخاصة الولايات المتحدة، التي شهدت طفرة في إنتاج النفط الصخري. يُعزى هذا إلى التقدم التكنولوجي وتكاليف الإنتاج المنخفضة نسبيًا، مما يجعلها قادرة على المنافسة حتى في ظل انخفاض الأسعار.
توقعات هبوطية لأسعار النفط
وفقًا لتقديرات جيه بي مورجان، من المرجح أن ينخفض سعر برنت، وهو المعيار العالمي للنفط، إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل في عام 2026. ويستمر هذا الانخفاض ليصل إلى نطاق الـ 42 دولارًا في المتوسط خلال عام 2027، مع احتمال وصوله إلى الثلاثينيات في نهاية العام. بالمقارنة مع المستوى الحالي البالغ حوالي 63.50 دولارًا للبرميل، يمثل هذا السيناريو انخفاضًا محتملًا بنسبة تصل إلى 50%.
العوامل المؤثرة في العرض والطلب
أحد العوامل الرئيسية التي تدعم هذا التوقع الهبوطي هو زيادة المعروض من النفط من قبل الدول التي لا تشارك في اتفاقيات أوبك+. تواصل هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، زيادة إنتاجها، مما يزيد من الضغط على أسعار النفط.
إضافةً إلى ذلك، تشير بعض التحليلات إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يكون أقل مما كان متوقعًا في السابق، وذلك بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا، بالإضافة إلى التحول المتزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة. هذا التباطؤ في الطلب يزيد من حالة عدم التوازن بين العرض والطلب، وبالتالي يدفع الأسعار إلى الهبوط.
على الرغم من أن الطلب أظهر مقاومة للانخفاض وتجاوز التوقعات المتشائمة بشكل مستمر، إلا أن بنك جيه بي مورجان يرى أن هذا لن يكون كافيًا لامتصاص الفائض في المعروض. يشير التقرير إلى أن الفائض المتوقع سيصل إلى 2.8 مليون برميل يوميًا في عام 2026، وسيظل مرتفعًا عند 2.7 مليون برميل في العام التالي.
دور أوبك+ والسياسات الحكومية
من المرجح أن يلعب دور أوبك+ الحيوي في تنظيم الإنتاج، تأثيرًا ضئيلا في مواجهة هذا الوضع. فقد تكون قدرة هذه المجموعة على خفض الإنتاج محدودة بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية على بعض الدول الأعضاء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات الحكومية في بعض الدول، وخاصة الولايات المتحدة، قد لا تشجع على تقييد الإنتاج. فقد أشار التقرير إلى أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعم لحفر النفط من المرجح ألا يتغير، مما يعني استمرار زيادة المعروض من النفط الأمريكي. وتعتبر **أسواق الطاقة** حساسة جدًا للتغيرات السياسية والقرارات الحكومية.
في حين أن التقرير يقر بأن التوقعات بتراجع الأسعار بهذا الحجم قد لا تتحقق بشكل كامل، إلا أنه يؤكد على أن معظم الأعباء اللازمة لتحقيق التوازن في السوق ستقع على كاهل المنتجين، من خلال خفض الإنتاج. السيناريوهات البديلة قد تتضمن تدخل الحكومات أو حدوث اضطرابات جيوسياسية، ولكن هذه العوامل تبقى غير مؤكدة.
يرى الخبراء أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة العالمية قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي، وبالتالي يقلل الطلب على **الوقود**، مما يفاقم الضغوط على أسعار النفط. ويُعد التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط من أهم التحديات التي تواجه الدول المنتجة لتحقيق الاستدامة في المستقبل.
ستترقب الأسواق العالمية عن كثب بيانات الإنتاج والاستهلاك في الأشهر المقبلة، ومراجعة أوبك+ لسياساتها الإنتاجية. كما ستكون التطورات الجيوسياسية في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تعتبر مناطق رئيسية لإنتاج النفط، محل اهتمام بالغ. من المتوقع أن يعقد اجتماعًا لأوبك+ في بداية العام القادم لمناقشة مستويات الإنتاج وتحديد الاستراتيجية المستقبلية، وستكون شروحات جيه بي مورجان محط نقاش.
بشكل عام، تشير التوقعات إلى أن الفترة القادمة قد تشهد تحديات كبيرة لمنتجي النفط، مع توقعات بضعف الأسعار واستمرار حالة عدم التوازن في السوق. ويتطلب ذلك اتخاذ تدابير استباقية لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة والتكيف مع التغيرات في **صناعة النفط**.

