من المتوقع أن يشهد سوق النفط فائضًا كبيرًا في عام 2026، وهو ما طال انتظاره. تتوقع شركة ترافيجورا، إحدى أكبر شركات تداول السلع في العالم، أن يشهد السوق طوفانًا من الإمدادات الجديدة في وقت يتباطأ فيه النمو العالمي للطلب على النفط. هذا الفائض النفطي المحتمل قد يؤثر بشكل كبير على أسعار الطاقة والاقتصاد العالمي.

أكد سعد رحيم، كبير الاقتصاديين في ترافيجورا، أن العوامل المؤدية إلى هذا الفائض واضحة. وفقًا لرحيم، فإن المشاريع النفطية طويلة الأجل تضمن زيادة المعروض، بينما يظل نمو الطلب ضعيفًا نسبيًا. تأتي هذه التوقعات في وقت يشهد فيه سوق النفط بالفعل ضغوطًا على الأسعار.

توقعات بـ “فائض نفطي هائل” في عام 2026

تشير ترافيجورا إلى أن هناك عنصرين رئيسيين يدفعان نحو الفائض المتوقع من النفط الخام في العام المقبل. أولاً، هناك زيادة في إنتاج النفط الجديد، حيث أن العديد من المشاريع قد خطط لها منذ أكثر من عقد. ثانيًا، النمو الضعيف نسبيًا للطلب على النفط، حتى مع مضاعفة التوقعات الحالية، لا يكفي لتعويض الزيادة المتوقعة في المعروض.

وقد بدأ سوق النفط بالفعل يشعر بتأثيرات اختلال توازن العرض والطلب هذا العام. على الرغم من ارتفاع مؤقت خلال الصراع الإسرائيلي الإيراني في الصيف، إلا أن أسعار النفط كانت في اتجاه هبوطي طوال العام. يتم تداول خام برنت، المعيار الدولي، حاليًا حول 62 دولارًا للبرميل، بانخفاض قدره 18٪ منذ بداية العام. في الوقت نفسه، يتم تداول خام غرب تكساس الوسيط حول 58 دولارًا للبرميل، بانخفاض قدره 19٪.

العوامل المؤثرة على المعروض والطلب

على الرغم من أن ترافيجورا تتوقع فائضًا، إلا أنها أشارت إلى أن بعض العوامل يمكن أن تخفف من حدة الوضع. قد تساعد العقوبات الأكثر صرامة أو خفض الإنتاج من قبل دول أوبك والولايات المتحدة في تحسين آفاق المعروض. ومع ذلك، فإن هذه العوامل غير مؤكدة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تباطؤ الصين، أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، في مشترياتها من النفط إلى تفاقم الفائض. يعتبر الطلب الصيني على الطاقة عاملاً حاسماً في تحديد أسعار النفط العالمية.

تتوافق وجهة نظر ترافيجورا مع توقعات أخرى لسوق النفط في العام المقبل، حيث أشار البعض إلى إمكانية حدوث فائض في المعروض في الماضي. في تقريرها لشهر نوفمبر، توقعت الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع المعروض العالمي من النفط بأكثر من 3 ملايين برميل يوميًا في عام 2026، بينما يظل نمو الطلب “متواضعًا مقارنة بالمعايير التاريخية”. وأضافت الوكالة أن ميزان السوق يبدو “أكثر انحرافًا بشكل متزايد”.

تعتبر أسعار النفط المتراجعة حاليًا مؤشرًا مبكرًا على هذا التحول المحتمل في السوق. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذه الأسعار تتأثر أيضًا بعوامل جيوسياسية واقتصادية أخرى، مثل النمو الاقتصادي العالمي ومعدلات الفائدة.

تتوقع بعض التحليلات أن يؤدي الفائض النفطي إلى زيادة الضغط على أسعار النفط، مما قد يؤثر على شركات النفط والدول المنتجة. قد تحتاج هذه الدول إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الإنتاجية والتكيف مع بيئة سوق جديدة.

الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة قد تتأثر أيضًا، حيث أن انخفاض أسعار النفط قد يقلل من الحوافز للاستثمار في بدائل الطاقة. ومع ذلك، فإن الاتجاه طويل الأجل نحو الطاقة النظيفة لا يزال قويًا، مدفوعًا بالمخاوف البيئية والسياسات الحكومية.

في الختام، من المتوقع أن يشهد سوق النفط تحولًا كبيرًا في عام 2026 مع احتمال حدوث فائض نفطي هائل. سيكون من المهم مراقبة تطورات العرض والطلب عن كثب، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على الأسعار. الخطوة التالية ستكون متابعة بيانات الإنتاج والاستهلاك في الربع الأول من عام 2025 لتقييم مدى دقة هذه التوقعات، مع الأخذ في الاعتبار أن التطورات الجيوسياسية غير المتوقعة يمكن أن تغير المشهد بشكل كبير.

شاركها.
Exit mobile version