من المتوقع أن تشهد السلع (Commodities) أداءً قويًا في عام 2026، متفوقةً على الأصول الأكثر تقلبًا مثل الأسهم والعملات المشفرة. وبحسب بنك أوف أمريكا (Bank of America)، فإن الاستثمار في السلع هو الخيار الأفضل للمستثمرين الذين يتوقعون انتعاشًا اقتصاديًا مصحوبًا بتحفيز مالي ونقدي وربما ارتفاعًا في معدلات التضخم. يشير هذا التحليل إلى تحول محتمل في استراتيجيات الاستثمار نحو أصول تقليدية.

أصدر بنك أوف أمريكا هذا التوقع في تقرير حديث، مؤكدًا أن الظروف الاقتصادية المتوقعة لعام 2026 ستدعم بقوة أداء السلع. يتوقع البنك مزيجًا من النمو الاقتصادي القوي، والسياسات المالية والتنفيذية التحفيزية، واحتمالية ارتفاع التضخم، مما يجعل السلع خيارًا جذابًا لتنويع المحافظ والاستفادة من هذه الاتجاهات. يرى محللو البنك أن هذا المشهد الاقتصادي القادم يختلف عن السنوات الأخيرة.

الاستثمار في السلع: الفرصة القادمة في 2026

يأتي هذا التوقع في الوقت الذي تشهد فيه السلع بالفعل عوائد قوية في عام 2025. ويعزى ذلك بشكل كبير إلى الطلب المتزايد على المعادن والطاقة في ظل طفرة مراكز البيانات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. يشهد صندوق Vanguard Commodity Strategy Fund، وهو صندوق استثماري شهير يتبع أداء السلع، ارتفاعًا بنسبة 17٪ حتى الآن هذا العام، متجاوزًا أداء مؤشر S&P 500.

قطاع الصناعة، الذي يعتمد بشكل كبير على السلع، شهد أيضًا ارتفاعًا بنسبة 17٪ منذ بداية العام. كما ارتفع قطاعا المرافق والطاقة بنسب 15٪ و 7٪ على التوالي، مما يؤكد الزخم الحالي في الاستثمار في السلع المرتبطة بالبنية التحتية والعمليات الحيوية.

أسباب ترجيح أداء السلع

هناك عدة عوامل تدعم توقعات بنك أوف أمريكا بأداء قوي للسلع في عام 2026. من بين هذه العوامل السياسات الاقتصادية المحتملة لإدارة ترامب، وتزايد جاذبية السلع مقارنة بالسندات، وتفكك العولمة، وارتفاع التضخم. تساهم هذه العوامل مجتمعة في خلق بيئة ملائمة لارتفاع أسعار السلع.

وفقًا للبنك، من المرجح أن تؤدي السياسات الاقتصادية التي يروج لها الرئيس ترامب إلى تحفيز النمو الاقتصادي، مما يدعم الاستثمارات في السلع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإنفاق المالي المفرط في السنوات الأخيرة قد جعل السلع تتفوق على الاستثمارات التقليدية الآمنة مثل السندات.

يشير التقرير أيضًا إلى أن تفكك العولمة، الذي يتجلى في الصراعات الجيوسياسية ومشكلات سلاسل الإمداد والحواجز التجارية مثل التعريفات الجمركية، يمكن أن يعزز الطلب على السلع. وذلك لأن هذه السلع غالبًا ما يتم نقلها وتستخدم كمواد خام في إنتاج مجموعة متنوعة من السلع المختلفة، مما يزيد من أهميتها الاستراتيجية.

على صعيد التضخم، يتوقع البنك أن يؤدي ارتفاع توقعات التضخم إلى زيادة أسعار بعض السلع، مثل الذهب. وقد شهد الذهب بالفعل ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 60٪ هذا العام، ويعتبر ملاذًا آمنًا ووسيلة للتحوط ضد التضخم. ويرى البنك أن هذا الاتجاه قد يمتد ليشمل سلعًا أخرى.

في السياق الجيوسياسي، يرى المحللون أن “فوز ترامب سيؤدي إلى تبني سياسات محفزة، وارتفاع أسعار النفط مع توقعات تحسن الأوضاع في روسيا وأوكرانيا”. ويتوقعون أن يشهد سوق السلع “تحولًا جذريًا” قريبًا، حيث ستبدو الرسوم البيانية لجميع السلع مشابهة لرسومات الذهب.

يشير الخبراء إلى أن الطاقة، وخاصة النفط، تمثل فرصة استثمارية استثنائية في هذا السياق. ويرجع ذلك إلى التوقعات بأن ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، إلى جانب أي اضطرابات محتملة في الإمدادات، قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع.

ورغم هذه التوقعات المتفائلة، يبقى السوق عرضة للتقلبات والمخاطر الجيوسياسية. ويرى المحللون أنه من الضروري مراقبة التطورات في أوكرانيا والشرق الأوسط عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أسعار السلع.

من المتوقع أن يستمر بنك أوف أمريكا في تقديم تحليلات وتحديثات حول أداء السلع في الأشهر المقبلة، مع التركيز بشكل خاص على تأثير السياسات الاقتصادية والتطورات الجيوسياسية على السوق. وسيكون المستثمرون يراقبون هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.

شاركها.