أثارت نتائج أوركل المالية الأخيرة مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق الرأسمالي الضخم لشركات التكنولوجيا، خاصةً في ظل التباطؤ المحتمل في النمو. انخفض سهم أوركل بنسبة 14٪ يوم الخميس بعد أن أعلنت الشركة عن أرباح تجاوزت التوقعات، لكن إيراداتها كانت أقل من تقديرات وول ستريت، حيث بلغت 16.06 مليار دولار مقارنة بـ 16.21 مليار دولار المتوقع من قبل المحللين. هذا الأداء أثار تساؤلات حول مستقبل الإنفاق الرأسمالي في قطاع التكنولوجيا.
جاء الانخفاض في سعر السهم بعد فترة من التقلبات الشديدة، حيث تراجع السهم بنحو 20٪ خلال الشهر الماضي بعد ارتفاع كبير في أعقاب توقعات إيرادات قوية أعلنتها الشركة في سبتمبر. أدت سلسلة من الصفقات إلى ترسيخ مكانة أوركل كلاعب رئيسي في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك عقد بقيمة 300 مليار دولار مع OpenAI، وشراكات جديدة مع Nvidia و Meta Platforms، وخطط لتوسيع بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في الأسواق الدولية المزدهرة.
تأثير نتائج أوركل على سوق الذكاء الاصطناعي والاستثمار
أثار تباطؤ نمو المبيعات السحابية، الذي بلغ 34٪ مقارنة بالربع السابق ولكنه لا يزال أقل من التقديرات، مخاوف بشأن قدرة أوركل على تحقيق عوائد سريعة على استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي. أفاد محللو Morgan Stanley أن النتائج قد تدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في مدى مصداقية التوجه نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
تعهد أوركل بزيادة الإنفاق الرأسمالي بحوالي 15 مليار دولار في العام المقبل مقارنة بالتوقعات السابقة، مما زاد من حدة المخاوف بشأن الإنفاق المفرط في قطاع التكنولوجيا. هذا التعهد يأتي في وقت يراقب فيه المستثمرون عن كثب قدرة الشركات على تحويل الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي إلى أرباح ملموسة.
تراجع أسهم شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى
لم يقتصر تأثير انخفاض سهم أوركل على الشركة نفسها، بل امتد ليشمل أسهم شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى، مما أدى إلى انخفاض عام في الأسواق. سجلت مؤشرات الأسهم الرئيسية أداءً متبايناً، حيث انخفض مؤشر Nasdaq 100 بنسبة 0.8٪، بينما ارتفع مؤشر Dow Jones Industrial Average ومؤشر Nasdaq Composite بشكل طفيف.
من بين أكبر الخاسرين في التداولات يوم الخميس: Nvidia (انخفاض بنسبة 3٪)، و Palantir (انخفاض بنسبة 3٪)، و Advanced Micro Devices (انخفاض بنسبة 3٪)، و Broadcom (انخفاض بنسبة 3٪). يعكس هذا التراجع القلق المتزايد بشأن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، خاصةً في ظل عدم اليقين بشأن العائد على الاستثمار.
يرى المحللون أن قدرة شركة بحجم أوركل على عدم تلبية تقديرات المحللين بعد الاستثمار المكثف في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي أمر مقلق للكثيرين. تشير التقديرات إلى أن الشركة ربما تكون قد بالغ في تقدير قدرتها على تحقيق النتائج المرجوة في الوقت المناسب.
وأشار المحلل في شركة Emarketer، Jacob Bourne، إلى أن أوركل تواجه تدقيقًا متزايدًا بشأن الإنفاق على مراكز البيانات الممولة بالديون وتركيز المخاطر المرتبط بعدم اليقين بشأن عوائد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن يؤدي هذا الإخفاق في تحقيق الإيرادات إلى تفاقم المخاوف بشأن صفقة OpenAI والإنفاق الكبير على الذكاء الاصطناعي.
لا تقتصر هذه المخاوف على أوركل وحدها. على الرغم من أن البعض يجادل بأن المخاوف الرئيسية بشأن الذكاء الاصطناعي قد تكون مبالغًا فيها، إلا أنه من المحتمل أن يؤدي الإنفاق المفرط من قبل شركة تقنية كبرى في عام 2025 إلى تكرار هذا السيناريو مع شركات أخرى. قد يؤدي ذلك إلى تراجع معنويات المستثمرين بشأن الذكاء الاصطناعي مع اقتراب السوق من عام 2026. الاستثمار في البنية التحتية السحابية يعتبر أيضاً من العوامل التي تؤثر على هذا القطاع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي العالمي يضيفان المزيد من الضغوط على شركات التكنولوجيا، مما يجعلها أكثر حذرًا بشأن الإنفاق الرأسمالي. هذه العوامل قد تؤدي إلى إعادة تقييم شاملة لاستراتيجيات الاستثمار في قطاع التكنولوجيا.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب تقارير الأرباح القادمة لشركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، مثل Amazon و Microsoft و Google، لتقييم مدى انتشار هذه المشكلة. كما سيهتمون ببيانات الإنفاق الرأسمالي المستقبلية، بالإضافة إلى أي إشارات حول التباطؤ المحتمل في نمو الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي.
في الختام، تشير نتائج أوركل إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي قد يكون في مرحلة تصحيح، وأن المستثمرين بحاجة إلى توخي الحذر بشأن تقييمات شركات التكنولوجيا. من المرجح أن يستمر التركيز على تحقيق عوائد ملموسة على الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي، وأن الشركات التي تفشل في ذلك قد تواجه المزيد من الضغوط في المستقبل. من المتوقع صدور المزيد من البيانات الاقتصادية في الأشهر المقبلة التي قد تلقي الضوء على مستقبل الاستثمار في التكنولوجيا.

