يتزايد قلق المستثمرين بشأن احتمال حدوث تصحيح كبير في الأسواق المالية، حيث يرى المحللون أن فقاعات ائتمانية وتقييمات مبالغ فيها في قطاع الذكاء الاصطناعي قد تكون على وشك الانفجار. يأتي هذا التحذير في الوقت الذي تشهد فيه الأصول ذات المخاطر ارتفاعًا، مما يزيد من حدة المخاوف بشأن استدامة هذا الارتفاع. فقاعة الأسواق هي السيناريو الذي يخشاه الخبراء وقد بدأ بالتشكل بالفعل.

حذر ديفيد روش، استراتيجي في شركة Quantum Strategy والرئيس السابق لقسم الأبحاث في مورغان ستانلي، من أن فقاعتين في السوق قد بدأت بالانفجار بالفعل، على الرغم من التفاؤل المستمر بشأن استمرار التعافي في الأصول ذات المخاطر. يرى روش أن هذه الفقاعات قد تتسبب في أضرار اقتصادية مماثلة لتلك التي حدثت في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008.

أسباب القلق: الائتمان والذكاء الاصطناعي

يشير روش إلى النمو الهائل في الإقراض في السنوات الأخيرة كأحد العوامل الرئيسية التي تدعم فقاعة الائتمان. أظهرت بيانات بنك التسويات الدولية أن إجمالي الائتمان الممنوح للقطاع غير المالي في الولايات المتحدة بلغ حوالي 250٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام الحالي. هذا المستوى من الديون يثير تساؤلات حول قدرة الشركات والأفراد على السداد في حالة تباطؤ النمو الاقتصادي أو ارتفاع أسعار الفائدة.

بالإضافة إلى ذلك، يرى روش أن الاستثمارات الضخمة التي تضخها شركات التكنولوجيا الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي قد أدت إلى تضخم التقييمات بشكل غير مبرر. وتقدر التحليلات الأخيرة أن شركات مثل أمازون وميتا ومايكروسوفت وألفابت وآبل تخطط لإنفاق حوالي 349 مليار دولار على النفقات الرأسمالية هذا العام، مع تخصيص جزء كبير منها لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ويرى روش أن هذه التقييمات تبدو “سخيفة” بالمقارنة مع شركات مماثلة في الصين.

الخطر الأكبر: سوق الائتمان الأمريكي

يؤكد روش أن سوق الائتمان الأمريكي يمثل نقطة الضعف الرئيسية في الاقتصاد العالمي. إذا تفاقمت المشاكل في هذا السوق، فقد يكون لها تداعيات سلبية واسعة النطاق على النمو الاقتصادي العالمي. يشدد على أن انهيار هذا السوق هو الذي قد يؤدي إلى أضرار اقتصادية حقيقية.

ويرى روش، الذي يركز على حماية الثروة في محفظته الاستثمارية، أن هذه الظروف الاقتصادية المضطربة تتطلب اتباع استراتيجية استثمارية حذرة. ويقترح بعض الخيارات التي قد تساعد المستثمرين على التنقل في هذه الأوقات الصعبة.

خيارات استثمارية في ظل المخاطر المتزايدة

ينصح روش بالاستثمار في الأصول الحقيقية كتحوط ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي. ويعتبر الذهب أحد هذه الأصول الأساسية، حيث يتمتع بتاريخ طويل كملجأ آمن في الأوقات غير المستقرة. وقد شهد سعر الذهب ارتفاعًا كبيرًا هذا العام، مدفوعًا بالطلب القوي من البنوك المركزية والمستثمرين.

وبالإضافة إلى الذهب، يوصي روش بالاستثمار في الأصول المادية الأخرى مثل النفط والمعادن الاستراتيجية. من المتوقع أن يستفيد هذا النوع من الأصول من زيادة الطلب العالمي والتحديات الجيوسياسية. وقد حققت صناديق الاستثمار المتداولة التي تركز على هذه الأصول أداءً قويًا هذا العام.

الاستثمار في الطاقة هو اتجاه آخر يراه روش واعدًا، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة. ويرى أن شركات الطاقة النووية والدفاع قد توفر ملاذًا آمنًا للمستثمرين، نظرًا لارتفاع الطلب المتوقع على هذه الخدمات.

في المقابل، يحذر روش من الاستثمار في السندات، مشيرًا إلى ارتفاع مستويات الديون والعجز الحكومي في جميع أنحاء العالم. ويعتقد أن هذا يجعل السندات أقل جاذبية للمستثمرين.

تأتي هذه التحذيرات في سياق تزايد المخاوف بشأن التضخم وأسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وفي حين أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن هذه المخاطر مبالغ فيها، إلا أن آخرين يحذرون من أننا قد نشهد فترة من عدم الاستقرار الاقتصادي.

من المتوقع أن تستمر الأسواق المالية في مراقبة التطورات الاقتصادية والجيوسياسية عن كثب في الأشهر القادمة. ويتوقع المحللون أن يقوم البنك الفيدرالي الأمريكي باتخاذ قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة في اجتماع سيحدد مسار السياسة النقدية في الولايات المتحدة. سيكون رد فعل الأسواق على هذه القرارات مؤشرًا رئيسيًا على مدى جدية المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي.

شاركها.
Exit mobile version