بالتيمور مدينة الفنون الفريدة، حيث يجد الإبداع طريقه حتى من خلال أكثر المواد غير المتوقعة. هنا، حوّل رجل شغفه بالدراجات إلى مشروع فني فريد من نوعه يتضمن جمع أغطية العجلات المفقودة وتحويلها إلى منحوتات آسرة. هذه القصة ليست مجرد هواية شخصية، بل هي شهادة على روح الإبداع وإعادة التدوير في بالتيمور.

شغف غير تقليدي: قصة جامع أغطية العجلات في بالتيمور

بارنابي ويكهام، البالغ من العمر 54 عامًا، هو الاسم وراء هذه المبادرة الفنية المدهشة. بدأ ويكهام، وهو يعيش في بالتيمور، في جمع أغطية العجلات المفقودة منذ حوالي عامين، وذلك كناتج طبيعي لحبه لركوب الدراجات في المدينة. لم يكن تصميمه هو صنع شيء مفيد أو عملي من البداية، بل المتعة في البحث عن هذه الأشياء المفقودة. “أعتقد أن هذا نوع من الإثارة أثناء الصيد، لسبب واحد” يقول ويكهام. “أنا أحب ركوب الدراجة. أحب بالتيمور. أحب الخروج في بالتيمور، ويوجد ما يكفي من أغطية الإطارات وأشياء أخرى مثل شوايات السيارات لتكون مثيرة للاهتمام، ولكن ليس كثيرًا مما يجعل الأمر سهلاً للغاية.”

لقد تطور هذا الشغف بشكل طبيعي، فبعد العثور على أول غطاء عجلة، بدأ في جمعه وحمله في حقيبة ظهره أثناء رحلاته. الآن، يمتلك ويكهام مجموعة تضم أكثر من 700 غطاء عجلة، ويتتبع مواقع العثور عليها بدقة باستخدام خرائط جوجل. هذه الهواية الفريدة، كما وصفها، أصبحت نوعًا من “الكنز” الذي يسعى إليه في شوارع بالتيمور.

دعم العائلة ومشاركة المجتمع في البحث عن أغطية العجلات

إن عمل ويكهام لا يتم بشكل فردي تمامًا. تزود زوجته كيت بالدعم اللازم، حيث تساعد في نقل المواد وتقديم النصائح. “أنا مجرد فريق دعم، وأحيانًا الشخص الحذر الذي يقول، لا يمكنك القيادة على هذا الطريق، ولا يمكنك ركوب الدراجة على هذا الطريق أو أي شيء آخر. لذا فأنا أدعم حبه لتجربة أشياء جديدة” تقول كيت.

وعلاوة على ذلك، فإن مجتمع بالتيمور يلعب دورًا حيويًا في هذه العملية. بعد أن رأى الجيران والأصدقاء ما يفعله ويكهام، بدأوا في إخباره عن أماكن وجود أغطية العجلات الأخرى. وقد أنشأ قاموسًا خاصًا لهذه الاكتشافات، أطلق عليه اسم “القبعات المحورية في البرية”، وهو ما يشير إلى وجود هذه الأغطية المنتشرة في شوارع المدينة. المساعدة تأتي بشكل عفوي، حيث يصر الناس على إخباره عن أي أغطية يجدونها.

بالتيمور: حاضنة الفن الغريب وإعادة التدوير

ليست هذه الهواية مجرد عمل فني فردي، بل هي تعكس جوهر بالتيمور كمدينة تحتفي بالغرابة والإبداع. تعتبر بالتيمور موطنًا للمخرج جون ووترز، الذي اكتسب شهرة بأسلوبه السينمائي المثير للجدل، وحصلت على لقب “بابا المهملات” بفضل أعماله. كما أنها تضم متحف الفن البديهي الأمريكي، وهو مكان مشهور عالميًا بأعمال الفنانين الذين علموا أنفسهم بنفسهم.

بالنسبة لويكهام، فإن مرآبه وفنائه الأمامي هما ورشة العمل الخاصة به، حيث يجمع بين المعدن والصفائح والأسلاك، بالإضافة إلى أغطية العجلات بالطبع، لإنشاء أعمال فنية مذهلة. يستخدم ويكهام شبكة من الأسلاك المعدنية لربط أغطية العجلات، مستفيدًا من الثقوب الموجودة فيها لتأمينها. “كل ذلك مرتبط بالروابط المضغوطة” يوضح ذلك. “أغطية الإطارات مليئة بالفتحات أو الثقوب، لذلك من السهل الإمساك بها لتثبيتها في مكانها.”

من أكاليل الزهور إلى المنحوتات العملاقة: إبداعات ويكهام

أعمال ويكهام ليست صغيرة على الإطلاق. لقد قام حتى الآن بإنشاء العديد من المنحوتات المثيرة للإعجاب، بما في ذلك أكاليل الزهور الاحتفالية، سمكة عملاقة، وحتى رأس كبير لشخصية سنوبي الشهيرة، يبلغ طوله 16 قدمًا وعرضه حوالي 21 قدمًا. وهذا يدل على حجم وطموح مشاريعه الفنية.

يروح ويكهام في رحلات بالدراجة ليس فقط في بالتيمور، بل أيضًا خلال أسفاره الأخرى. لقد أضاف بعض أغطية العجلات من ولاية أوهايو أثناء زيارته لابنه في جامعة ولاية كينت، كما أنه عثر على اكتشاف فريد خلال رحلة عمل إلى إيطاليا، مع جولة بالدراجة في روما. كان عليه أن يشرح لمرشده السياحي سبب رغبته في أخذ هذه الأغطية كهدية تذكارية.

تبرع ويكهام بإكليلين من أغطية العجلات للمدينة ولإحدى المنظمات غير الربحية، مما يُظهر التزامه برد الجميل للمجتمع. ويقول: “في إحدى المرات، رآني رجل آخذ غطاء عجلة، وأصر على أن آتي إليه. أراد أن يخبرني عن وجود غطاء آخر قريب. كان من الواضح أنه يرى ما أفعله وأراد المساعدة.”

في الختام، قصة بارنابي ويكهام هي قصة ملهمة عن كيفية تحويل شغف بسيط إلى فن فريد من نوعه. من خلال جمع أغطية العجلات المفقودة في بالتيمور وخارجها، لم يقم ويكهام بإنشاء أعمال فنية جميلة فحسب، بل أثارت أيضًا محادثات وألهمت الآخرين لتقدير الجمال في غير المتوقع. يشجع هذا العمل الإبداعي على التفكير في إعادة التدوير وجمالية النفايات، مما يجسد الروح الفنية المتميزة لمدينة بالتيمور.

شاركها.
Exit mobile version