ريو دي جانيرو احتفت بحماس كبير بموكب الفخر السنوي في كوباكابانا، لكن هذه النسخة حملت نكهة خاصة هذا العام. فبالإضافة إلى الاحتفال بمجتمع LGBTQ+، شهد الموكب تعبيرًا صريحًا عن الفرح والسعادة بإيداع الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، السجن. هذا الحدث، الذي يمثل نكسة كبيرة لشخصية معروفة بكراهيتها العلنية للمثليين، كان له صدى قوي في أوساط المحتفلين. مسيرة فخر ريو دي جانيرو لم تكن مجرد تظاهرة للحقوق، بل كانت احتفالية بالحرية ورفضًا للكراهية.
فرحة بالإيداع في السجن وتأثيرها على مسيرة فخر ريو دي جانيرو
آلاف الأشخاص توافدوا على الممشى الخشبي الشهير في كوباكابانا، مزينين أنفسهم بألوان قوس قزح، وهم يهتفون بحماس “إنه في السجن!” و”اخرج مع بولسونارو!”. هذه الهتافات، التي تعبر عن مشاعر دفينة تجاه الرئيس السابق، كانت بمثابة انفجار للبهجة للمحتفلين الذين عانوا طويلاً من تصريحاته وسياساته المعادية للمثليين.
إيمي ماتيوس سانتوس، أستاذة الفنون والمسرح والرقص، لفتت انتباه الجميع بقميصها بألوان العلم البرازيلي، وهو رمز اعتاده أنصار بولسونارو. “إنه أمر ممتع للغاية. إنه يظهر أن محاربة الكراهية أمر يستحق العناء، وأن المستقبل ممكن لأشخاص مثلنا”، قالت سانتوس وهي تضيف أن ارتداءها للألوان الوطنية يهدف إلى استعادة هذا الرمز من حركة بولسونارو المتطرفة.
تاريخ بولسونارو المثير للجدل مع مجتمع LGBTQ+
لم يكن موقف بولسونارو من مجتمع LGBTQ+ سرًا. فقد صرح في السابق بأنه “يفخر بكاره للمثليين”، وذهب إلى حد القول بأنه يفضل أن يكون له ابن ميت على أن يكون له ابن مثلي الجنس. هذه التصريحات، التي أثارت غضبًا واسع النطاق، كانت تعكس رؤيته المتخلفة للعالم وعلاقته بالحرية الشخصية.
لاحقًا، في سبتمبر الماضي، صدر حكم بسجنه لمدة 27 عامًا بتهمة محاولة الانقلاب للبقاء في السلطة بعد خسارته الانتخابات عام 2022. ومع ذلك، كان تحت الإقامة الجبرية حتى أمر قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس بإيداعه السجن الاحترازي يوم السبت، خوفًا من محاولته الهرب. بولسونارو اعترف باستخدام مكواة لحام على جهاز المراقبة الإلكتروني الخاص به، ولكنه دافع عن نفسه يوم الأحد قائلاً إن أفعاله كانت نتيجة انهيار عصبي وهلوسات.
“لا عفو!”.. مطالبة بعدالة شاملة ومستقبل أفضل
بالتوازي مع الفرحة بالسجن، حمل بعض المشاركين في مسيرة الفخر لافتات كتب عليها “لا عفو!”، في إشارة إلى مشروع قانون يهدف حلفاء بولسونارو إلى تمريره في الكونجرس لتخفيف العقوبات على المتورطين في محاولة الانقلاب. هذا يعكس إصرار المجتمع على عدم التسامح مع الجرائم المرتكبة وتحقيق العدالة الناجزة.
كما رفع المحتفلون علمًا ضخمًا بألوان قوس قزح، تعبيرًا عن الوحدة والتضامن. الشاحنات المشاركة في الموكب حملت رسائل قوية مثل “بدون مثليات، الحقوق ليست إنسانية” و”ريو بدون رهاب المثليين”، مؤكدةً على أهمية المساواة والشمول.
30 عامًا من النضال: إنجازات وتحديات مستمرة
تعتبر مسيرة فخر ريو دي جانيرو هذا العام محطة تاريخية، حيث أنها تحتفل بالذكرى الثلاثين لانطلاق أول مسيرة فخر في البرازيل. وفي هذا السياق، اختير شعار “30 عامًا تصنع التاريخ: من النضالات الأولى من أجل الحق في الوجود إلى بناء مستقبل مستدام”.
“قبل ثلاثين عامًا، كان علينا صنع 1000 قناع من الورق المعجن للأشخاص الذين لا يريدون أن يتم الكشف عن هويتهم خوفًا من فقدان وظائفهم أو طردهم من عائلاتهم”، قال كلاوديو ناسيمنتو، أحد منظمي المسيرة منذ فترة طويلة. وأضاف: “الآن نستخدم الأقنعة لجلب الفرح والاحتفال بوجودنا”. هذا التحول يجسد التقدم الكبير الذي أحرزه مجتمع LGBTQ+ في البرازيل على مدار العقود الثلاثة الماضية.
ومع ذلك، يذكر ناسيمنتو، والتأكيد عليه من قبل فلافيو سالجويرو، محامٍ من ساو باولو، أن التحديات لا تزال قائمة. ففي عام 2024 وحده، سقط ما لا يقل عن 291 شخصًا من المثليين البرازيليين ضحية للوفيات العنيفة، وهو ما يمثل زيادة قدرها 34 حالة وفاة مقارنة بالعام السابق. هذا يؤكد على ضرورة الاستمرار في النضال من أجل إنهاء العنف والتمييز ضد مجتمع LGBTQ+ في البرازيل. حقوق المثليين في البرازيل لا تزال بحاجة إلى حماية وتعزيز مستمرين.
خطاب الكراهية وعلاقته بالعنف: دعوة لرفض التعصب
يرى العديد من النشطاء أن خطاب بولسونارو المناهض للمثليين كان له دور في التحريض على العنف أو إضفاء الشرعية عليه ضد أفراد مجتمع LGBTQ+. داني بالبي، أول امرأة متحولة يتم انتخابها في مجلس ولاية ريو، أكدت أن الرئيس السابق “خفضت بشكل كبير السياسات العامة التي تهدف إلى حماية ودعم وتعزيز التنوع”.
وأضافت بالبي: “إن رؤية بولسونارو مسجونًا ثم خروج شاحنات المثليين على الفور إلى الشارع هو احتفال على أمل ألا يعود السياسيون من أمثاله أبدًا”. هذه المشاعر تعكس الأمل في مستقبل أكثر تساملاً واحترامًا للجميع، بغض النظر عن ميولهم الجنسية أو هويتهم الجندرية.
في الختام، كانت مسيرة فخر ريو دي جانيرو 2024 حدثًا تاريخيًا يجمع بين الاحتفال بالتقدم والنضال من أجل مستقبل أفضل. وسط الفرحة بإيداع بولسونارو السجن، تذكر المسيرة بأن المعركة من أجل المساواة والشمول لم تنته بعد، وأن هناك حاجة ماسة إلى مواصلة الجهود لمكافحة العنف والتمييز ضد مجتمع LGBTQ+. إن المشاركة في مثل هذه الأحداث، والتعبير عن الدعم للمطالبة بالحقوق، هو بمثابة رسالة قوية للجميع بأن الكراهية لن تنتصر أبدًا.

