وفاة بريجيت باردو: رمز الجاذبية الفرنسية والناشطة المثيرة للجدل
توفيت بريجيت باردو، أيقونة الجمال الفرنسية في ستينيات القرن الماضي، والتي تحولت لاحقًا إلى ناشطة بارزة في مجال حقوق الحيوان وشخصية مثيرة للجدل بسبب مواقفها السياسية المتطرفة، عن عمر يناهز 91 عامًا. رحيل بريجيت باردو يمثل نهاية حقبة، ويترك وراءه إرثًا معقدًا يجمع بين سحر السينما والنشاط المثير للجدل. أعلنت مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات وفاتها في منزلها جنوب فرنسا يوم الأحد، دون الكشف عن سبب الوفاة.
من نجمة سينمائية إلى رمز ثقافي
بدأت بريجيت باردو مسيرتها الفنية في سن المراهقة، وسرعان ما اكتسبت شهرة عالمية بفضل فيلمها “وخلق الله المرأة” (Et Dieu… créa la femme) عام 1956. أثار الفيلم ضجة كبيرة بسبب جرأته ومشاهده التي اعتبرت استفزازية في ذلك الوقت، لكنه في المقابل جعلها رمزًا للتحرر والجاذبية الفرنسية.
صعود نجمها وتأثيرها على الموضة
لم تكن باردو مجرد ممثلة جميلة، بل كانت أيضًا مؤثرة في عالم الموضة. أسلوبها المميز، بشعرها الأشقر الفوضوي وملابسها الجريئة، ألهم الكثيرين وأثر على اتجاهات الموضة في الستينيات. أصبحت باردو تجسيدًا لروح العصر، حيث كانت تعبر عن التمرد والانفتاح.
في عام 1969، تم اختيار ملامحها لتمثيل “ماريان”، الشعار الوطني لفرنسا، وهو دليل على تأثيرها وشعبيتها الكبيرة في البلاد. ظهر وجهها على التماثيل والطوابع والعملات المعدنية، مما عزز مكانتها كرمز وطني.
التحول إلى ناشطة حقوق الحيوان
بعد سنوات من النجاح في عالم السينما، قررت بريجيت باردو التقاعد والتركيز على نشاطها في مجال حقوق الحيوان. أسست مؤسسة تحمل اسمها، وأصبحت صوتًا قويًا في الدفاع عن الحيوانات ومناهضة القسوة ضدهم.
حملات جريئة ومواقف متطرفة
لم تتردد باردو في خوض حملات جريئة ومواجهة قضايا حساسة. سافرت إلى القطب الشمالي للاحتجاج على صيد الفقمات، وأدانت استخدام الحيوانات في التجارب المعملية، وعارضت طقوس الذبح في بعض الثقافات. وقد أكسبها هذا النشاط احترامًا واسعًا، وحصلت على وسام جوقة الشرف، وهو أعلى تكريم في فرنسا، في عام 1985.
ومع ذلك، اتسمت أساليبها بالحدة والتطرف في بعض الأحيان، مما أثار انتقادات واسعة.
الجدل السياسي والانتقادات اللاذعة
في السنوات الأخيرة من حياتها، أثارت بريجيت باردو جدلاً كبيرًا بسبب مواقفها السياسية المتطرفة. انتقلت إلى دعم اليمين المتطرف، وانتقدت بشدة الهجرة، خاصة من المسلمين.
إدانات قضائية ومواقف مثيرة للجدل
أُدينت باردو خمس مرات في المحاكم الفرنسية بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية، وغرمت بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل. كما أثارت غضبًا واسعًا بتعليقاتها حول حركة #MeToo، حيث اتهمت الممثلات اللواتي تحدثن عن التحرش الجنسي بالنفاق.
علاقتها بـ لوبان وتأثيرها على صورتها
ساهم زواجها من برنارد دورمال، مستشار جان ماري لوبان، زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، في تعزيز صورتها كشخصية مثيرة للجدل. كما دعمت علنًا مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية، مما أثار انتقادات من العديد من الأطراف. هذا التحول السياسي أثر سلبًا على صورتها العامة، وأدى إلى إزالة تماثيل “ماريان” المستوحاة من ملامحها من بعض المدن الفرنسية.
إرث معقد وذكرى دائمة
رحيل بريجيت باردو يترك وراءه إرثًا معقدًا ومتناقضًا. فهي أيقونة سينمائية لا تُنسى، وناشطة حقوق حيوان شغوفة، وشخصية سياسية مثيرة للجدل. بغض النظر عن الخلافات حول مواقفها، لا يمكن إنكار تأثيرها الكبير على الثقافة الفرنسية والعالم.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نعى وفاتها ووصفها بـ “الأسطورة”. وستظل ذكرى بريجيت باردو حية في أذهان الكثيرين، كرمز للجمال والجاذبية والتمرد. كما ستظل مؤسستها لحماية الحيوان مستمرة في عملها، للدفاع عن حقوق الحيوانات ومناهضة القسوة ضدهم. حقوق الحيوان كانت قضية مركزية في حياتها الأخيرة، وستبقى جزءًا أساسيًا من إرثها. بالإضافة إلى ذلك، فإن السينما الفرنسية خسرت إحدى أبرز نجماتها اللواتي ساهمت في تشكيل هويتها.

