وفقًا لتقرير حديث، لا يزال تعاطي المخدرات بين المراهقين في الولايات المتحدة عند مستويات منخفضة تاريخيًا، مع استمرار تراجع معدلات استهلاك الكحول والنيكوتين والماريجوانا. ومع ذلك، أظهرت النتائج الصادرة عن المسح الوطني، والتي تم نشرها يوم الأربعاء، ارتفاعًا مقلقًا في تعاطي مواد أخرى مثل الهيروين والكوكايين، بالإضافة إلى استهلاك كبير لمشروبات الطاقة. هذا التقرير يلقي الضوء على التغيرات في سلوكيات الشباب ويقدم رؤى مهمة حول العوامل المؤثرة.
انخفاض ملحوظ في تعاطي المواد التقليدية
يشير المسح إلى تحول كبير في سلوكيات المراهقين مقارنة بالماضي. فقد أفاد ثلثا طلاب الصف الثاني عشر بأنهم لم يتعاطوا الكحول أو الماريجوانا أو السجائر أو السجائر الإلكترونية خلال الثلاثين يومًا الماضية. وهذا يمثل تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالثلث الذي كان يبلغ عنه قبل ثلاثة عقود، أي قبل انتشار السجائر الإلكترونية.
وبالمثل، أظهر طلاب الصف العاشر نسبة 82% لم يتعاطوا أيًا من هذه المواد مؤخرًا، بينما وصلت النسبة إلى 91% بين طلاب الصف الثامن. هذه الأرقام تمثل مستويات قياسية جديدة في المسح السنوي، مما يؤكد استمرار الاتجاه نحو الابتعاد عن المواد الضارة.
العوامل المساهمة في هذا الانخفاض
يعزو الخبراء هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- تزايد الوعي بالمخاطر: حملات التوعية المتزايدة حول أضرار التدخين وشرب الكحول وتعاطي المخدرات.
- القيود القانونية: تشديد القوانين المتعلقة ببيع هذه المواد للشباب.
- التواصل الرقمي: تزايد الوقت الذي يقضيه المراهقون في التواصل عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يقلل من فرص التعرض لبيئات تشجع على تعاطي المخدرات.
تقول لورا ليندبرج، الأستاذة في جامعة روتجرز المتخصصة في سلوك المراهقين: “إن الاتصالات عبر الإنترنت لا تخلق نفس الفرص لتجربة الكحول أو الماريجوانا التي توفرها اللقاءات وجهاً لوجه”. هذا يشير إلى أن التفاعلات الاجتماعية التقليدية التي غالبًا ما ارتبطت بتعاطي المخدرات أصبحت أقل شيوعًا.
مشروبات الطاقة: الاستثناء الواضح
في حين أن تعاطي المواد التقليدية آخذ في الانخفاض، إلا أن استهلاك مشروبات الطاقة يظل مرتفعًا بشكل ملحوظ بين المراهقين. أبلغ 23% من طلاب الصف الثاني عشر عن استهلاكهم اليومي لهذه المشروبات، و20% من طلاب الصف العاشر، و18% من طلاب الصف الثامن. هذا يشير إلى أن المراهقين يبحثون عن بدائل أخرى للحصول على الطاقة والتحفيز، وقد تكون مشروبات الطاقة هي الخيار الأكثر شيوعًا.
قلق متزايد بشأن الهيروين والكوكايين
على الرغم من الانخفاض العام في تعاطي المخدرات، إلا أن هناك اتجاهًا مثيرًا للقلق نحو زيادة طفيفة في تعاطي الهيروين والكوكايين. فقد ارتفع استخدام الهيروين بين طلاب الصف الثاني عشر إلى 0.9% في عام 2025، مقارنة بـ 0.2% في العام السابق. وبالمثل، ارتفع استخدامه بين طلاب الصف العاشر إلى 0.5%، بعد أن كان 0.1%، وبين طلاب الصف الثامن إلى 0.5%، مقارنة بـ 0.2%.
أما بالنسبة للكوكايين، فقد ظل الاستخدام ثابتًا بين طلاب الصف العاشر، ولكنه ارتفع بين طلاب الصف الثامن إلى 0.6%، وبين طلاب الصف الثاني عشر إلى 1.4%.
يؤكد ريتشارد ميتش، رئيس فريق المسح في جامعة ميشيغان، أن هذه الزيادات “أقل بكثير مما كانت عليه قبل عقود”، لكنها تتطلب مراقبة دقيقة. من المهم فهم العوامل التي تدفع هذا الاتجاه واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المزيد من الانتشار.
تفسيرات محتملة للزيادة في تعاطي الهيروين والكوكايين
لا يزال سبب هذه الزيادة غير واضح تمامًا، ولكن هناك بعض التفسيرات المحتملة:
- توفر المواد: قد يكون هناك زيادة في توفر هذه المواد في بعض المجتمعات.
- الضغوط النفسية: قد يكون المراهقون يلجأون إلى هذه المواد كوسيلة للتعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية.
- تأثير الأقران: قد يكون هناك تأثير من الأقران يشجع على تجربة هذه المواد.
منهجية المسح وأهميته
يأتي هذا التقرير من “استطلاع مراقبة المستقبل”، وهو مسح تموله الحكومة الفيدرالية وتديره جامعة ميشيغان. تم إجراء هذا المسح سنويًا منذ عام 1975، ويعتبر مصدرًا رئيسيًا للبيانات الوطنية حول سلوكيات المراهقين المتعلقة بالمخدرات. تستند نتائج هذا العام إلى ردود حوالي 24000 طالب في الصفوف 8 و10 و12 من المدارس في جميع أنحاء البلاد، وتم جمع البيانات بين شهري فبراير ويونيو من هذا العام.
الخلاصة والتوصيات
بشكل عام، تشير نتائج المسح إلى أن تعاطي المخدرات بين المراهقين آخذ في الانخفاض، مع استثناء مشروبات الطاقة والزيادات الطفيفة في تعاطي الهيروين والكوكايين. هذا الاتجاه الإيجابي يعكس الجهود المبذولة للتوعية بالمخاطر وتشديد القيود القانونية، بالإضافة إلى التغيرات في أنماط الحياة الاجتماعية للمراهقين.
ومع ذلك، يجب عدم الاستهانة بالزيادات المقلقة في تعاطي الهيروين والكوكايين. من الضروري مواصلة المراقبة الدقيقة لهذه المواد واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المزيد من الانتشار. بالإضافة إلى ذلك، يجب التركيز على فهم العوامل التي تدفع المراهقين إلى استهلاك مشروبات الطاقة وتوعيتهم بالمخاطر الصحية المحتملة.
للمزيد من المعلومات حول صحة المراهقين وكيفية الوقاية من تعاطي المخدرات، يمكنكم زيارة المواقع الإلكترونية للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) والمعهد الوطني لتعاطي المخدرات (NIDA). من خلال العمل معًا، يمكننا حماية شبابنا ومساعدتهم على اتخاذ خيارات صحية ومسؤولة.

