أصبح كوانزا احتفالًا سنويًا يكتسب شعبية متزايدة في الولايات المتحدة وخارجها، حيث يمثل أكثر من مجرد عطلة؛ إنه تعبير عن الهوية الثقافية الأفريقية، والوحدة المجتمعية، والالتزام بمبادئ إيجابية. منذ تأسيسه في عام 1966، تطور كوانزا ليصبح رمزًا للأمل والتمكين، خاصةً في أوساط الأمريكيين الأفارقة، ولكنه يرحب بالمشاركين من جميع الخلفيات. هذا الاحتفال الممتد لسبعة أيام، الذي يقع بين عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، يهدف إلى تعزيز تقرير المصير والوحدة في مواجهة التحديات.
أصول وتاريخ كوانزا
نشأ كوانزا في خضم حركة الحقوق المدنية وحركة حرية السود في الستينيات، كاستجابة لحاجة ملحة لإعادة ربط المجتمعات السوداء في الولايات المتحدة بجذورها الثقافية الأفريقية. كانت تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي قد قطعت هذه الروابط، وتهدف كوانزا إلى استعادتها وتقويتها. مولانا كارينجا، المؤسس، رأى في هذا الاحتفال أداة قوية للتحرر والوحدة.
من أعمال الشغب في واتس إلى تأسيس كوانزا
تأثر كارينجا بشكل خاص بأعمال الشغب في واتس في لوس أنجلوس عام 1965. اعتبرها دعوة للاستيقاظ، وحافزًا لخلق شيء إيجابي وبناء يمكن أن يوحد المجتمع ويمنحه شعورًا بالفخر والهوية. كما صرح كارينجا في خطابه السنوي لكوانزا عام 2023، أن العطلة نشأت من “عقد محدد من الكفاح والنضال الشرس من أجل الحرية والعدالة”.
مبادئ نجوزو سابا: جوهر كوانزا
يكمن جوهر كوانزا في نجوزو سابا، وهي مجموعة من سبعة مبادئ أساسية توجه الاحتفال والحياة اليومية. يتم الاحتفال بمبدأ مختلف كل يوم من أيام العطلة، مما يوفر فرصة للتأمل والتطبيق العملي. هذه المبادئ هي:
- أوموجا (الوحدة): التأكيد على أهمية الوحدة العائلية والمجتمعية.
- كوجيتشاغوليا (تقرير المصير): المسؤولية عن تحديد مصيرنا الخاص.
- أوجيما (العمل الجماعي والمسؤولية): العمل معًا لتحقيق الأهداف المشتركة.
- أوجاما (الاقتصاد التعاوني): بناء اقتصاد قوي ومستدام للمجتمع.
- نيا (الغرض): السعي لتحقيق الغرض الأسمى في الحياة.
- كومبا (الإبداع): استخدام الإبداع لحل المشاكل وتحسين الحياة.
- إيماني (الإيمان): الإيمان بأنفسنا وبقدرتنا على تحقيق النجاح.
كينارا: رمزية الشموع والألوان
يرمز كينارا، حامل الشموع ذو السبع شموع، إلى نجوزو سابا. تضاء شمعة واحدة كل ليلة، وتمثل كل شمعة مبدأً مختلفًا. ألوان الشموع – الأسود والأحمر والأخضر – لها معانٍ عميقة: الأسود يمثل الشعب، والأحمر يمثل الكفاح، والأخضر يمثل الأمل. هذه الألوان هي أيضًا ألوان علم كوانزا.
الاحتفال بكوانزا: من الاحتفالات الكبيرة إلى التجمعات العائلية
تتراوح الاحتفالات بـ كوانزا من الأحداث الكبيرة التي ترعاها المدن في لوس أنجلوس وأتلانتا وديترويت، إلى التجمعات العائلية الصغيرة في المنازل. غالبًا ما تتضمن هذه الاحتفالات رواية القصص، والموسيقى، والرقص، وقراءة الشعر، وتكريم الأجداد. تعتبر الأطفال محورًا رئيسيًا للاحتفالات، حيث يمثلون مستقبل الثقافة والمجتمع.
كارامو: وليمة الوحدة والتراث
تُختتم احتفالات كوانزا بـ كارامو، وهي وليمة مجتمعية تحتفي بالتراث الأفريقي والأمريكي الأفريقي. تتميز هذه الوليمة بأطباق متنوعة من جميع أنحاء الشتات الأفريقي، مثل أرز الجولوف وفطيرة البطاطا الحلوة، مما يعكس الثراء والتنوع الثقافي. بالإضافة إلى الطعام، تتضمن كارامو تبادل الهدايا، والتي غالبًا ما تكون مصنوعة يدويًا أو ذات معنى ثقافي.
كوانزا اليوم: النمو والاعتراف
على الرغم من أنه لا يزال غير معترف به كعطلة فيدرالية، إلا أن كوانزا يواصل النمو في شعبيته. وفقًا لمسح AP-NORC لعام 2019، يحتفل به حوالي 3٪ من سكان البلاد. كما أن الرؤساء السابقين، مثل بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، أصدروا بيانات احتفالًا بالعيد، وفي عام 1997، بدأت خدمة البريد الأمريكية في إصدار طوابع كوانزا. هذا الاعتراف المتزايد يعكس الأهمية المتزايدة للاحتفال كرمز للوحدة الثقافية والتمكين المجتمعي. الاحتفال بـ الثقافة الأفريقية و التقاليد الأفريقية أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
في الختام، كوانزا هو أكثر من مجرد عطلة؛ إنه دعوة للتأمل في قيمنا، وإعادة الالتزام بمبادئنا، والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل. سواء كنت من أصل أفريقي أم لا، فإن مبادئ كوانزا يمكن أن تلهمنا جميعًا لعيش حياة ذات معنى وهدف. شارك في الاحتفال، وتعلم المزيد عن الثقافة الأفريقية، وساهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا.

