في قلب كاليفورنيا، وتحديدًا في فاكافيل، يبرز برنامج فريد من نوعه داخل أسوار سجن ولاية كاليفورنيا سولانو، يمنح الأمل والغرض لمجموعة من النزلاء الذين قد لا يحظون بفرصة للخروج. هذا البرنامج ليس مجرد مبادرة إصلاحية، بل هو قصة عن الكرامة الإنسانية، والفرص المتاحة، والتحول الشخصي من خلال فن الطهي. إنه مطعم “ديلانسي ستريت”، حيث يجد النزلاء، بمن فيهم أولئك المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، معنى جديدًا للحياة من خلال العمل الجماعي والمهارات العملية.
برنامج “ديلانسي ستريت”: نافذة أمل في سجن سولانو
“ديلانسي ستريت” داخل سجن سولانو ليس مجرد مطعم؛ إنه مجتمع صغير، ووحدة شرف، ومدرسة للحياة. يضم البرنامج حوالي 80 نزيلًا، ويتميز بقاعدة صارمة: عدم ممارسة العنف أو التهديد به. هذه القاعدة الأساسية تخلق بيئة آمنة وداعمة تسمح للرجال بالتركيز على إعادة بناء حياتهم، حتى داخل جدران السجن.
كامالي عبد السلام، أو “كامي” كما يعرفه زملاؤه، يقضي ساعات في المطبخ، يخبز بعناية 100 قطعة من بسكويت الزبدة. بينما يقوم بتقطيع العجين، يركز على التفاصيل الدقيقة، مستعدًا لتشكيل البسكويت على هيئة رقاقات الثلج والأشجار وهدايا العطلات، ثم تزيينها بالرشات الحمراء والخضراء. على بعد خطوات قليلة، مايكل ويلسون، خبير في تقطيع البصل، يحضر بيكو دي جالو بدقة ومهارة. هؤلاء الرجال، الذين كانوا في السابق يقومون بمهام أقل إبداعًا، يجدون الآن متعة وفخرًا في إتقان فنون الطهي.
إعادة اكتشاف الإنسانية من خلال الطهي
بالنسبة للكثيرين في “ديلانسي ستريت”، فإن العمل في المطعم هو أكثر من مجرد وظيفة؛ إنه اعتراف بقيمتهم كبشر. كامي، المحكوم عليه بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط، يصف شعوره بالامتنان العميق. “أعيش حياة دون إمكانية الإفراج المشروط، لذلك شعرت باليأس لفترة طويلة جدًا. ولكن الآن، نفس الأشخاص الذين لم يصافحوا يدك قبل عامين، يدفعون مقابل تناول الطعام الذي أطبخه. هذا القدر من المصادقة على إنسانيتنا يستحق أكثر مما يمكنني أن أطلبه.”
هذا الشعور بالتقدير والهدف يمتد إلى جميع المشاركين في البرنامج. يقدم المطعم ما بين 20 إلى 50 وجبة يوميًا، ويحصل النزلاء على أجر قدره دولار واحد في الساعة – وهو من بين أعلى الأجور المتاحة داخل سجن سولانو. العمل في المطعم يتطلب التعاون والتركيز، ويمنح النزلاء فرصة لتطوير مهارات قيمة يمكن أن تفيدهم في المستقبل، حتى لو لم يكن هناك مستقبل خارج أسوار السجن.
“ديلانسي ستريت”: نموذج فريد لإعادة التأهيل
ما يميز “ديلانسي ستريت” في سولانو هو تركيزه على بناء المجتمع وتعزيز الإيجابية. البرنامج مستوحى من مطعم “ديلانسي ستريت” الشهير في سان فرانسيسكو، والذي يركز أيضًا على مساعدة الأفراد المهمشين، بمن فيهم أولئك الذين قضوا فترة في السجن أو يعانون من التشرد أو الإدمان.
توبياس غوميز، المشرف على عمليات افتتاح موقع سولانو الجديد، يشارك تجربته الشخصية. بعد أن أمضى سنوات في السجن، وجد غوميز في “ديلانسي ستريت” فرصة لإعادة بناء حياته. “لقد سمح لي هذا البرنامج بالخروج من قوقعتي. لقد علمني كيفية التواصل وكيف أؤمن بنفسي، لأن ديلانسي كان يؤمن بي.”
البرنامج لا يقتصر على تعليم مهارات الطهي فحسب، بل يشجع أيضًا على الإبداع والتعبير عن الذات. بعض النزلاء يتعلمون الحياكة، ويصنعون الأوشحة والقبعات ودمى الدببة التي يتم التبرع بها لضحايا العنف المنزلي. كما أن هناك جوقة “ديلانسي ستريت” التي تخطط لغناء الترانيم في جميع مباني السجن خلال فترة الأعياد.
التحول الشخصي والأمل المستمر
قصص النزلاء في “ديلانسي ستريت” مؤثرة وملهمة. فيليب وايت، على سبيل المثال، كان على وشك الاستسلام لليأس بعد وفاة زوجته، لكن التزامه بالبرنامج والدعم الذي تلقاه من زملائه ساعده على تجاوز محنته. “لقد آمنت بهذا البرنامج. وآمنت بي، وكم غير هذا البرنامج حياتي. لذا فإن كل ما أقدمه هو أيضًا تخليدًا لذكراها، لأنني لم أرغب في أن تموت هي الأخرى عبثًا.”
شايلور واتسون، الذي أمضى أكثر من نصف حياته في السجن، وجد في البرنامج فرصة لإعادة اكتشاف نفسه. بعد أن تعلم مهارات إدارة المطاعم، أصبح الآن أحد مديري المطعم، وهي أول وظيفة رسمية له كشخص بالغ. لقد حول واتسون الاختصار “LWOP” (الحياة بدون إفراج مشروط) إلى “الحياة مع التقدم المتفائل”، وهو تعبير عن الأمل والتصميم على عيش حياة ذات معنى، بغض النظر عن الظروف.
برنامج “ديلانسي ستريت” في سجن سولانو هو شهادة على قوة الأمل والفرصة والتحول الشخصي. إنه يذكرنا بأن الإنسانية موجودة في كل فرد، حتى في أولئك الذين ارتكبوا أخطاء فادحة. من خلال توفير بيئة داعمة ومجموعة من المهارات العملية، يساعد البرنامج النزلاء على استعادة كرامتهم وإيجاد هدف في الحياة، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر أمانًا ورحمة.
الكلمات المفتاحية: برنامج ديلانسي ستريت، سجن سولانو، إعادة تأهيل السجناء، فرص السجناء، مطعم السجن، الإصلاح الجنائي، حياة كريمة، الأمل في السجن.

