في كل عام، عشية عيد الميلاد، تتحول قاعدة بيترسون لقوة الفضاء في كولورادو إلى مركز عالمي للبهجة والتوقعات، ليس بسبب الإطلاق الصاروخي، بل بسبب تقليد فريد ومحبوب: تتبع سانتا. فمنذ سبعة عقود، يقوم فريق من المتطوعين العسكريين والمدنيين بمهمة “مراقبة” رحلة بابا نويل حول العالم، وتلقي مكالمات من الأطفال والكبار على حد سواء، الذين يتأكدون من أن سانتا في طريقه إليهم. هذا العام، تشهد عملية تتبع سانتا تطوراً ملحوظاً، مع إتاحة إمكانية المتابعة عبر موقع إلكتروني بتسع لغات، واستقبال مكالمات على الرقم 1-877-HI-NORAD.

تاريخ طويل من تتبع سانتا: قصة بدأت بالخطأ

يبدأ هذا التقليد المذهل في عام 1955، حين كانت قيادة الدفاع الجوي القاري (CONAD)، وهي السابقة لـ NORAD، في حالة تأهب قصوى بحثاً عن أي تهديد نووي محتمل من الاتحاد السوفياتي. في خضم هذا التوتر، تلقى المركز مكالمة هاتفية غير متوقعة من طفل صغير. بدلًا من طلب المساعدة العسكرية، سأل الطفل ببراءة عن مكان تواجد بابا نويل.

لم يتردد العقيد هاري شوب، القائد المناوب في تلك الليلة، في إضفاء بعض البهجة على قلب الطفل، فأمر موظفيه ببدء “تتبع” مسار سانتا وتقبل مكالمات الأطفال المتصلين لمعرفة مكانه. في البداية، كان الأمر مجرد استجابة لطلب عفوى، ولكن سرعان ما تحول إلى تقليد سنوي ينتظره الملايين حول العالم. قصص مختلفة تتناقل حول كيفية حدوث هذا الخطأ تحديدًا، بينها خطأ مطبعي في إعلان صحيفة محلي، إلا أن النتيجة كانت سحرية.

كيف تتبع NORAD بابا نويل؟ التكنولوجيا في خدمة الفرح

قد يتساءل البعض، كيف يمكن لقاعدة عسكرية متطورة أن تتتبع بابا نويل وزلاجاته؟ الجواب يكمن في الجمع بين التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وروح العيد. تستخدم قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأمريكا الشمالية (NORAD) نفس أنظمة الرادار والأقمار الصناعية والطائرات النفاثة التي تستخدمها في مهمتها الأساسية، وهي مراقبة أجواء أمريكا الشمالية بحثًا عن التهديدات.

ولكن بدلًا من البحث عن صواريخ، تقوم هذه الأنظمة باكتشاف “بصمة حرارية” فريدة تنبعث من أنف رودولف الأحمر اللامع! كما أوضح الكولونيل كيلي فروشور، المتحدث باسم NORAD، إن هذه البصمة الحرارية تشبه تلك المنبعثة من الصواريخ، مما يجعل تتبع سانتا أمرًا ممكنًا. بالإضافة إلى ذلك، تتبع NORAD مسار سانتا بدءًا من خط التاريخ الدولي، أي عندما يبدأ يوم عيد الميلاد في الانتشار حول العالم. تتبع سانتا ليس مجرد مهمة، بل هو احتفال بالتقنية التي تستخدم لنشر السعادة.

أكثر من مجرد مكالمات: التوسع في تتبع سانتا

حتى وقت قريب، تمت عملية تتبع سانتا بشكل أساسي عبر المكالمات الهاتفية إلى الخط الساخن. ففي العام الماضي، تلقى أكثر من 1000 متطوع في قاعدة بيترسون لقوة الفضاء حوالي 380 ألف مكالمة عشية عيد الميلاد، بين الساعة 4 صباحًا حتى منتصف الليل بالتوقيت الجبلي القياسي.

ولكن مع التطور التكنولوجي، وسعت NORAD نطاق عمليتها لتشمل موقعًا إلكترونيًا تفاعليًا. يسمح هذا الموقع للأشخاص من جميع أنحاء العالم بمتابعة رحلة سانتا في الوقت الفعلي بتسع لغات مختلفة، بما في ذلك اللغة الإنجليزية واليابانية، مما يجعل التجربة أكثر شمولية. هذا التوسع في تتبع سانتا يهدف إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال والعائلات، بغض النظر عن مكان وجودهم.

قصص مؤثرة من الخطوط الأمامية لـ “تتبع سانتا”

على مر السنين، جمع المتطوعون في NORAD العديد من القصص المؤثرة والملهمة. تقص ميشيل مارتن، إحدى موظفات NORAD، عن رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة يدعى هنري، كان يتصل كل عام ليطلب من الطيار المرافق لسانتا أن يضع ملاحظة في الطائرة لإعلام بابا نويل بأنه في السرير ويستعد لقدومه.

كما تتذكر فروشور مكالمة من فتاة قلقة بشأن سانتا، فقد سمعت أنه كان في طريقه إلى محطة الفضاء الدولية لمساعدة رواد فضاء تقطعت بهم السبل. هذه القصص توضح الأثر العاطفي الكبير لـ تتبع سانتا على الناس، وتؤكد على أهمية هذا التقليد في إضفاء البهجة على قلوب الأطفال والكبار على حد سواء.

تتبع سانتا: تقليد مستمر في ظل التحديات

على الرغم من التحديات المتزايدة، مثل حجم المكالمات الهائل والأسئلة المتنوعة، إلا أن NORAD تلتزم بالحفاظ على هذا التقليد الساحر. تتبع سانتا يمثل فرصة فريدة لربط المجتمع المحلي والعالمي، وتعزيز روح العيد والتفاؤل.

في الختام، تتبع سانتا من قبل NORAD ليس مجرد نشاط ترفيهي، بل هو تعبير عن الإنسانية والخير، وتذكير بأن السحر لا يزال موجودًا في عالمنا. تابعوا رحلة سانتا هذا العام عبر موقع NORAD أو عبر الخط الساخن، وشاركوا البهجة مع أحبائكم، وتذكروا أن “روح العيد” هي الأهم! لا تنسوا زيارة موقعهم الرسمي للمزيد من المعلومات والتفاصيل المتعلقة بمسار سانتا.

شاركها.
Exit mobile version