جنيف – في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة والشفافية، أعلن منظمو مسابقة الأغنية الأوروبية، يوروفيجن، عن سلسلة من التغييرات الجذرعية في نظام التصويت الخاص بها. يأتي هذا القرار في أعقاب تصاعد الانتقادات واتهامات “بالتدخل” السياسي، خاصة فيما يتعلق بمشاركة إسرائيل في المسابقة. هذه التعديلات تهدف إلى ضمان نزاهة الحدث الثقافي الذي يحظى بشعبية عالمية، وتأكيد أنه يجب أن يظل بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
تغييرات شاملة في نظام تصويت يوروفيجن
يهدف اتحاد البث الأوروبي (EBU)، المسؤول عن تنظيم يوروفيجن، إلى معالجة المخاوف المتزايدة بشأن تأثير العوامل الخارجية على نتائج المسابقة. التغييرات الجديدة، التي ستطبق في نسخة العام المقبل المقررة في فيينا، تركز بشكل أساسي على تقليل تأثير التصويت الموحد وتوسيع دور لجان التحكيم المهنية.
تقليل عدد الأصوات لكل طريقة تصويت
أحد أبرز التغييرات هو تخفيض عدد الأصوات المسموح بها لكل طريقة دفع إلى النصف، ليصبح 10 أصوات فقط. يهدف هذا الإجراء إلى الحد من إمكانية التلاعب بالتصويت من خلال عمليات شراء جماعية للأصوات، وهو ما أثيرت حوله شكوك في الدورات السابقة. يأمل المنظمون أن يشجع هذا التعديل على مشاركة أوسع من الجمهور العادي، بدلاً من الاعتماد على مجموعات منظمة.
عودة لجان التحكيم المهنية للدور قبل النهائي
بالإضافة إلى ذلك، ستعود لجان التحكيم المهنية إلى المشاركة في الدور قبل النهائي للمسابقة، وهو ما لم يحدث منذ عام 2022. ستوزع الأصوات بين الجمهور ولجان التحكيم بنسبة تقريبية 50/50. يعتبر هذا التغيير بمثابة محاولة لإعادة التوازن إلى نظام التصويت، ومنح الخبراء في مجال الموسيقى دورًا أكبر في تحديد المتأهلين إلى النهائيات. هذا التعديل يهدف إلى تعزيز الجودة الفنية للمسابقة، بالإضافة إلى ضمان أن تعكس النتائج مزيجًا من الشعبية الفنية والتقدير النقدي.
تعزيز الإجراءات الأمنية لمكافحة التلاعب
لم يقتصر الأمر على تغييرات في طريقة التصويت، بل أعلن الاتحاد عن تعزيز الإجراءات الأمنية لمكافحة “أنشطة التصويت المشبوهة أو المنسقة”. سيتم تطبيق أنظمة متطورة لمراقبة أنماط التصويت، والكشف عن أي محاولات احتيال، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعها. يهدف هذا الجهد إلى الحفاظ على نزاهة المسابقة وضمان حقيقة النتائج. مسابقة يوروفيجن تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، لذا فإن الحفاظ على الثقة بها أمر بالغ الأهمية.
خلفية الأزمة والاتهامات بالتدخل السياسي
تأتي هذه التغييرات في ظل تصاعد الجدل حول مشاركة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن. وقد دعت العديد من الأطراف إلى استبعاد إسرائيل من المسابقة، وذلك على خلفية الحرب في غزة، وسياسات الحكومة الإسرائيلية.
في سبتمبر الماضي، أعلنت هيئة الإذاعة العامة الهولندية (AVROTROS) أنها لم تعد قادرة على تبرير مشاركة إسرائيل في المسابقة، مشيرة إلى المعاناة الإنسانية في غزة. وقد أضافت الهيئة اتهامًا صريحًا بـ “تدخل حكومي إسرائيلي” في المسابقة الأخيرة، حيث زُعم أن الحدث تم استخدامه كأداة سياسية. لم يتم تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذا التدخل.
من جانبه، رفض الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية العامة، جولان يوخباز، هذه الاتهامات، مؤكدًا أنه “لا يوجد سبب يمنعنا من الاستمرار في كوننا جزءًا مهمًا من هذا الحدث الثقافي”. وأضاف أن المسابقة “يجب ألا تصبح سياسية”.
مستقبل مشاركة إسرائيل وموقف اتحاد البث الأوروبي
من المقرر أن تجتمع الجمعية العامة لاتحاد البث الأوروبي في الفترة من 4 إلى 5 ديسمبر لمناقشة إمكانية مشاركة إسرائيل في نسخة العام المقبل. وأكد مارتن جرين، مدير المسابقة، أن تصويتًا على هذه المشاركة لن يتم إلا إذا اعتبرت هيئات البث الأعضاء أن الإجراءات الجديدة “غير كافية” لحماية نزاهة المسابقة.
يؤكد اتحاد البث الأوروبي باستمرار على أهمية حياد ونزاهة المسابقة. وقال جرين إن هذه القيم “ذات أهمية قصوى” بالنسبة للاتحاد وأعضائه وجماهير يوروفيجن حول العالم. وأضاف أن الحدث “يجب أن يظل مكانًا محايدًا ولا يجب استغلاله كأداة”.
خاتمة
تمثل التغييرات الجديدة في نظام تصويت يوروفيجن محاولة جادة لمعالجة المخاوف المشروعة حول التدخل السياسي والتلاعب بالنتائج. سيكون من المهم مراقبة تأثير هذه التغييرات على النسخة القادمة من المسابقة، وعلى مشاركة الدول المختلفة. بشكل عام، هذه الخطوات تعكس التزامًا بتعزيز الشفافية والعدالة، والحفاظ على مكانة يوروفيجن كحدث ثقافي عالمي يجمع الناس من مختلف الخلفيات. نتمنى أن تساهم هذه التعديلات في مسابقة أكثر إثارة وحماسًا، تركز على الموسيقى والمواهب الحقيقية. شاركنا رأيك، هل تعتقد أن هذه التغييرات كافية لحماية نزاهة المسابقة؟


