في ظلّ التحضيرات لموسم الأعياد، وتحديداً عيد الشكر، يواجه المستهلكون في الولايات المتحدة هذا العام تحديات غير مسبوقة. فبينما تستعد العائلات للاجتماع حول المائدة، يلقي الارتفاع الكبير في أسعار الديك الرومي بظلاله على ميزانياتهم. هذا الارتفاع ليس مجرد انعكاس للتضخم العام، بل هو نتيجة لتفشّي أمراض تصيب الدواجن، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية ولوجستية معقدة.
تأثير تفشي إنفلونزا الطيور على إنتاج الديك الرومي
شهدت الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية تفشياً واسع النطاق لإنفلونزا الطيور، أدى إلى ذبح أعداد قياسية من الديوك الرومية. فقد تجاوزت الخسائر أكثر من مليوني طائر، مما أدى بشكل طبيعي إلى تقليص المعروض في الأسواق. مزارع مثل مزرعة الطوب القديمة في تشيلسي، ميشيغان، والتي تمتلكها عائلة دول منذ خمسة أجيال، لحقت بها الأضرار بشكل غير مباشر. على الرغم من أن مزرعة دول الصغيرة نجت من الإصابة بالمرض، إلا أنها شعرت بتأثيره على إمدادات الفراخ، حيث أصبح الحصول عليها أكثر صعوبة.
يقول لاري دول، صاحب المزرعة: “أحاول أن أبقي العملية نظيفة قدر الإمكان، وعدم إحضار حيوانات أخرى من مزارع أخرى يساعد في التخفيف من هذا الخطر”. لكنه يضيف أن قطيع الديوك الرومية في الولايات المتحدة تقلص إلى أدنى مستوى له منذ أربعين عامًا، وأن المفرخ الذي يعتمد عليه في الحصول على الفراخ كان أقل عددًا هذا العام.
ارتفاع تكلفة عيد الشكر: ليس الديك الرومي وحده
لا يقتصر الارتفاع في تكلفة عيد الشكر على الديك الرومي وحده. فارتفاع أسعار الجملة للديك الرومي، المتوقع أن يصل إلى 44% هذا العام، ينعكس على أسعار المكونات الأخرى التي تشكل وجبة عيد الشكر التقليدية. الرسوم الجمركية على الصلب المستورد، على سبيل المثال، ساهمت في ارتفاع أسعار السلع المعلبة، بما في ذلك الذرة والفاصوليا الخضراء وصلصة التوت البري.
تشير بيانات شركة Datasembly لأبحاث السوق إلى أن سلة مكونات عيد الشكر الأساسية ارتفعت بنسبة 4.1% عن العام الماضي، لتصل إلى 58.81 دولارًا. هذا الارتفاع يتجاوز معدل التضخم العام في أسعار المواد الغذائية، والذي بلغ 2.7% في شهر سبتمبر وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
تباين تقديرات تكلفة وجبة العيد
على الرغم من هذه الزيادات، تحاول بعض المتاجر تخفيف العبء على المستهلكين من خلال تقديم عروض وخصومات. ومع ذلك، تختلف التقديرات حول التكلفة الإجمالية لوجبة عيد الشكر باختلاف الجهة التي تقوم بالتقدير.
- اتحاد مكاتب المزارع الأمريكية: يقدر تكلفة وجبة عيد الشكر لعشرة أشخاص بـ 55.16 دولارًا، أي أقل بنسبة 5% عن العام الماضي.
- معهد ويلز فارجو للأغذية الزراعية: يقدر التكلفة بـ 80 دولارًا، وهو أقل بنسبة 2-3% عن تقديرات العام الماضي.
- سلاسل البقالة: تقدم عروضًا مغرية، مثل وجبة لـ 10 أشخاص مقابل 40 دولارًا في Aldi، وأقل من 50 دولارًا في Kroger مع قائمة المنتجات ذات العلامات التجارية للمتجر.
الارتفاع في أسعار المواد الغذائية بشكل عام، واللحوم بشكل خاص، دفع بعض المستهلكين إلى البحث عن بدائل أرخص للديك الرومي.
العوامل الأخرى المؤثرة في ارتفاع الأسعار
بالإضافة إلى إنفلونزا الطيور والرسوم الجمركية، تساهم عوامل أخرى في ارتفاع أسعار الديك الرومي والمكونات الأخرى لوجبة عيد الشكر. ارتفاع أسعار اللحوم بشكل عام، مثل لحوم البقر التي ارتفعت بنسبة 14% في شهر سبتمبر، يجعل الديك الرومي خيارًا أكثر جاذبية بالنسبة للمستهلكين، مما يزيد الطلب عليه وبالتالي يرفع أسعاره.
كما أن حالة الطقس تلعب دورًا. ففي ماساتشوستس، أثر الجفاف على إنتاج التوت البري، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره بنسبة 38% مقارنة بالعام الماضي. في المقابل، ساعد الطقس الجاف في إلينوي على تجنب الأمراض التي تصيب محاصيل اليقطين، مما أدى إلى انخفاض طفيف في أسعارها.
استراتيجيات التعامل مع ارتفاع الأسعار
في ظل هذه الظروف، يبحث المستهلكون عن طرق للتعامل مع ارتفاع تكلفة عيد الشكر. بعضهم يخطط لشراء ديك رومي أصغر، أو البحث عن عروض وخصومات، أو استبدال بعض المكونات بمكونات أرخص.
يقول ديفيد أورتيجا، أستاذ اقتصاديات وسياسات الغذاء بجامعة ولاية ميشيغان: “إننا نشهد تنفيذ بعض العروض الترويجية في محاولة لجذب العملاء إلى المتجر”.
بالعودة إلى مزرعة الطوب القديمة، يرى لاري دول أن تقديم منتج عالي الجودة هو أفضل طريقة للتعامل مع هذه التحديات. فهو يبيع الديوك الرومية التي يربيها بسعر 6.50 دولارًا للرطل الواحد، ويؤكد أن العملاء الذين يشترون منه يشعرون بالرضا عن المنتج، ويعتبرونه يستحق الثمن.
في الختام، على الرغم من التحديات الاقتصادية وتفشي الأمراض، لا يزال عيد الشكر مناسبة عزيزة على قلوب الأمريكيين. وبتخطيط ذكي واعتماد استراتيجيات فعالة، يمكن للعائلات الاستمتاع بوجبة العيد التقليدية دون أن تثقل كاهلهم أسعار الديك الرومي المرتفعة.

