نيويورك (أ ف ب) – يقف تيموثي شالاميت متأملاً على شاطئ مانهاتن، قبل ساعات قليلة من العرض الأول لفيلمه الجديد “مارتي سوبريم”. في هذا المشهد الهادئ، على مقعد في نهاية رصيف الجانب الغربي، يجد الممثل الشاب لحظات من التأمل. الجو بارد، والثلوج تغطي الأرض، لكن أشعة الشمس مشرقة، يستمتع شالاميت، الذي يرتدي سترة دافئة، بالمنظر الخلاب للمدينة. بالنسبة له، هذا المنظر هو انعكاس لذاته، ولرحلته الصاعدة في عالم السينما. مع اقترابه من بلوغ الثلاثين، يرى شالاميت أن النجاح المهني يرافقه، لكنه يشعر أيضاً بتحدٍ أكبر، وكأن طموحاته تتضاعف مع كل خطوة يخطوها. هذا التحدي هو جوهر “مارتي سوبريم”، الفيلم الذي يمثل قفزة نوعية في مسيرته الفنية.

## “مارتي سوبريم”: قصة طموح أمريكي في الخمسينيات

“مارتي سوبريم” ليس مجرد فيلم، بل هو “هدية حياتي” كما يصفها شالاميت. الفيلم، الذي تدور أحداثه في الخمسينيات من القرن الماضي في نيويورك، يحكي قصة مارتي ماوزر، وهو شاب يهودي يعمل في متجر للأحذية ويحلم بأن يصبح أفضل لاعب تنس طاولة في العالم. الشخصية مستوحاة من لاعب تنس طاولة حقيقي، مارتي ريسمان، لكن الفيلم يتجاوز السيرة الذاتية ليصبح انعكاساً لطموحات شالاميت والمخرج جوش سافدي.

يستخدم مارتي كل الطرق الممكنة، حتى تلك المشكوك فيها، لتحقيق حلمه. إنه محتال أمريكي بامتياز، وشخصية معقدة تتطلب أداءً استثنائياً. يرى الكثيرون أن هذا الدور هو الأفضل في مسيرة شالاميت الفنية حتى الآن، وأن الفيلم يضعه بقوة في دائرة المنافسة على جوائز الأوسكار.

### تحدي الميزانية الضخمة والترويج المبتكر

على الرغم من أن شالاميت يفضل التركيز على الشعور الذي يطارده بدلاً من التفكير في الجوائز، إلا أن “مارتي سوبريم” يمثل تحدياً جديداً له ولشركة الإنتاج A24. الفيلم، الذي كلّف A24 حوالي 70 مليون دولار، هو أحد أكبر المشاريع التي تنتجها الشركة في تاريخها.

ولإثارة الضجة حول الفيلم، لجأ شالاميت إلى أساليب ترويجية غير تقليدية، مثل مقطع فيديو مدته 18 دقيقة لمكالمة زووم وهمية حول تسويق الفيلم، وظهور منطاد برتقالي يحمل عبارة “Dream Big” فوق سماء لوس أنجلوس. هذه الحركات الجريئة أثارت اهتماماً كبيراً بالفيلم، وأظهرت استعداد شالاميت للخروج عن المألوف.

## شراكة فنية بين شالاميت وسافدي

التعاون بين تيموثي شالاميت وجوش سافدي بدأ في عام 2017، في العرض الأول لفيلم “Good Time”. سافدي، الذي كان يبحث عن نجم صاعد، رأى في شالاميت “رؤية” خاصة و”طاقة” فريدة.

أرسل سافدي إلى شالاميت مقطع فيديو للاعبي تنس الطاولة من عام 1948، مصحوباً بأغنية “I Have the Touch” لبيتر غابرييل، كنوع من الإلهام. كان الهدف هو تقديم قصة قديمة بأسلوب معاصر. على مدار السنوات التالية، عمل شالاميت بجد على تطوير مهاراته في تنس الطاولة، استعداداً للدور.

### رؤية مشتركة لطموحات نيويورك

بالنسبة لسافدي، “مارتي سوبريم” هو فيلم شخصي للغاية، يعكس طموحاته وتجاربه الخاصة. فهو ينتمي إلى جيل من صانعي الأفلام النيويوركيين الذين اضطروا إلى بذل قصارى جهدهم لتحقيق أحلامهم.

يتذكر سافدي كيف كان يواجه صعوبات في تمويل أفلامه، وكيف كان يضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة لإقناع المستثمرين. حتى أنه يذكر كيف تناول نصف دزينة من الويسكي في اجتماع واحد لإقناع ممول بدعم فيلم “Uncut Gems”. هذه التجارب ألهمته لكتابة قصة “مارتي سوبريم”، التي تعكس الصراع الدائم بين الطموح والواقع.

## “مارتي سوبريم” وتأثير أفلام نيويورك الكلاسيكية

“مارتي سوبريم” ليس مجرد فيلم معاصر، بل هو أيضاً جزء من سلالة أفلام نيويورك العريقة. الفيلم، الذي تم تصميمه بوعي ذاتي، يستلهم من أفلام كلاسيكية مثل “The French Connection”.

يقول سافدي إنه حاول أن يسمح لتقاليد صناعة الأفلام في نيويورك بالتسرب إلى داخله، وأن يستلهم من المخرجين الذين سبقوه. حتى أنه استعان بالمخرج المخضرم أبيل فيرارا، الذي يمثل جزءاً مهماً من تاريخ السينما النيويوركية.

### عودة إلى الجذور

بالنسبة لتيموثي شالاميت، فإن تصوير “مارتي سوبريم” في نيويورك كان بمثابة عودة إلى الجذور. فهو نشأ في حي Hell’s Kitchen، ويتذكر كيف كان يلعب كرة القدم على الرصيف نفسه الذي وقف عليه متأملاً قبل العرض الأول للفيلم.

يشعر شالاميت بالفخر بأن يكون جزءاً من هذا الفيلم، الذي يمثل قصة نيويورك الحقيقية. إنه يؤمن بأن الأفلام الأصلية هي الأكثر إثارة للاهتمام، وأن صناعة السينما يجب أن تركز على إرضاء الجمهور الحقيقي بدلاً من السعي وراء الأرقام القياسية.

في الختام، “مارتي سوبريم” هو فيلم طموح ومبتكر يمثل نقطة تحول في مسيرة تيموثي شالاميت الفنية. الفيلم، الذي يجمع بين قصة مشوقة وأداء استثنائي وإخراج متميز، من المؤكد أنه سيثير إعجاب الجماهير والنقاد على حد سواء. إنه فيلم يستحق المشاهدة والتأمل، ويذكرنا بأهمية الأحلام والسعي وراءها، حتى في مواجهة الصعاب. لا تفوتوا فرصة مشاهدة هذا الفيلم المميز، وشاركوا آراءكم حوله.

شاركها.
Exit mobile version