الكيبوب على خطوط المواجهة المناخية: كيف يحول معجبو الموسيقى طاقاتهم إلى عمل من أجل الكوكب

يشهد عالمنا اليوم تحولًا غير مسبوق في الوعي البيئي، وتتزايد الدعوات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تحديات تغير المناخ. وفي هذا السياق، تبرز قوة غير متوقعة كحليف قوي في هذه المعركة، ألا وهي قاعدة جماهير الكيبوب (موسيقى البوب الكورية). فبعيدًا عن مجرد كونهم مستمعين وعشاقًا للموسيقى، ينظم هؤلاء المعجبون طاقاتهم الهائلة لتوجيهها نحو قضية ملحة تؤثر على مستقبلنا جميعًا. وقد ظهر هذا التأثير جليًا في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP30) في بيليم بالبرازيل، حيث تحول شغفهم بالموسيقى إلى قوة دافعة للتغيير.

الكيبوب وتعبئة القوى الشعبية للمناخ

في مدينة بيليم البرازيلية، على هامش منطقة الأمازون الحيوية، لم تقتصر مشاركة محبي الكيبوب على مجرد الحضور؛ بل تجسدت في مظاهرات احتجاجية ملفتة للنظر، واعتصامات تحمل رسائل قوية ضد تمويل الوقود الأحفوري. وقد تزينت القاعات الرئيسية للمؤتمر بلافتات وشعارات تدعو إلى التخلي عن الوقود الأحفوري ودعم الطاقة المتجددة، مما أثبت قدرة هذه القاعدة الجماهيرية على تحويل شغفها إلى أداة ضغط فعالة.

وها هو تشول هونغ كيم، مدير المركز الثقافي الكوري في البرازيل، يؤكد أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها معجبو الكيبوب بشكل مباشر في مثل هذه المحادثات العالمية الهامة، وليس الفنانون أو الفرق الموسيقية أنفسهم. “عشاق الكيبوب هم الأبطال الحقيقيون وراء هذه الثقافة التي لديها القدرة على تشكيل القضايا الاجتماعية والسياسية.”

من Blackpink إلى التظاهرات: تاريخ من العمل المناخي

هذا ليس أول ظهور لقاعدة جماهير الكيبوب في حركات التغيير الاجتماعي. ففي السنوات الأخيرة، أظهرت هذه القاعدة قدرة مذهلة على التعبئة وتنظيم الحملات المؤثرة. ففي الولايات المتحدة، دعموا بقوة حركة “حياة السود مهمة”، وفي إندونيسيا، قادوا حملة ناجحة لإيقاف صفقة بين شركة هيونداي ومصنع للفحم. بل إنهم خرجوا في مظاهرات طالبت بإقالة الرئيس السابق يون سوك يول بسبب سياساته.

يعود هذا الانخراط إلى دور بعض الفرق الموسيقية نفسها، مثل بلاك بينك التي قدمت رسائل فيديو لدعم مفاوضات المناخ في COP26 عام 2021، مما ألهم المعجبين للانخراط بشكل أكبر في القضايا البيئية.

استراتيجيات جديدة للمناخ: دعم من كوريا الجنوبية

لا يقتصر الأمر على جهود المعجبين الذاتية، بل إن الحكومة الكورية الجنوبية بدأت تدرك أهمية هذه القوة الحيوية. فقد أعلن كيم سيونج هوان، وزير المناخ والطاقة والبيئة في كوريا الجنوبية عن دعم وزارته الكامل للمعجبين والفنانين، بهدف توظيف قوة الكيبوب في معالجة أزمة المناخ.

وتشير هذه الخطوة إلى تحول في الاستراتيجيات الحكومية، حيث يتم التركيز على الاستفادة من التأثير الثقافي الهائل للموسيقى الكورية لنشر الوعي البيئي وحشد الدعم لحلول المناخ.

قوة مجتمعات المعجبين والتواصل الاجتماعي

يشير جيو تاغ لي، الأستاذ في جامعة جورج ماسون في كوريا والمتخصص في التأثير الثقافي للكيبوب، إلى أن قاعدة المعجبين، عندما يتم تنظيمها، تمثل قوة لا يستهان بها بسبب حجمها الهائل وولائها الشديد. كما أن اهتمامهم المتزايد بالقضايا الاجتماعية يعود جزئيًا إلى الإجراءات المباشرة التي اتخذتها بعض الفرق الموسيقية.

ويرى دايون لي، الناشط في KPOP4PLANET، أن “القوة الثقافية هي التي تقود العمل المناخي الحقيقي”. “حبنا يمتد إلى ما هو أبعد من الفنانين. نحن نهتم ببعضنا البعض عبر القواعد الجماهيرية والحدود. نحن شباب نواجه نفس المستقبل، ونجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونحرص على الرد على الظلم”.

“Mutirão” الكيبوب: روح التعاون من أجل المناخ

يتماشى نشاط محبي الكيبوب مع مفهوم “mutirão” البرازيلي البرتغالي، الذي يعني روح الجهد الجماعي. وقد استخدمت رئاسة مؤتمر الأطراف COP30 هذا المفهوم كشعار رئيسي للتأكيد على أهمية التعاون لمواجهة تحديات تغير المناخ.

وبحسب فينيسيوس جورتلر، المنسق العام للشؤون الدولية في وزارة الثقافة البرازيلية، فإن أكثر من 80 دولة أعربت عن دعمها لهذه الدعوة. ويضيف: “إن إحدى أفضل الطرق بالنسبة لنا للقيام بذلك هي من خلال الموسيقى ومن خلال الشباب. لا أعتقد أننا سنخلق كوكبًا أفضل إذا لم نتمكن من الغناء وإذا لم نتمكن من تخيل عالم أفضل.”

مستقبل واعد: الكيبوب كحليف للمناخ

إن مشاركة محبي الكيبوب في COP30 تمثل بداية فصل جديد في العلاقة بين الثقافة الشعبية والعمل المناخي. من خلال تنظيم جهودهم، وتعبئة قواعدهم الجماهيرية، وتسخير قوة وسائل التواصل الاجتماعي، يثبت هؤلاء المعجبون أن التغيير ممكن، وأن الموسيقى يمكن أن تكون أداة قوية للتأثير الإيجابي. مع استمرار هذه الحركة في النمو والتطور، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من المبادرات المبتكرة التي تجمع بين شغف الموسيقى والالتزام بحماية كوكبنا.

شاركها.
Exit mobile version