في ظل تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية، وتزايد القيود على تدفق المعلومات، يواجه مستقبل بث الأخبار المستقلة إلى كوريا الشمالية تحديات غير مسبوقة. فبعد عقود من تقديم نافذة على العالم الخارجي لسكان الدولة المعزولة، وجدت محطات الإذاعة التي تقوم بذلك، بما في ذلك تلك التي تمولها حكومتا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، نفسها في موقف حرج بسبب التخفيضات المالية والتغييرات في السياسات. هذا الوضع يثير مخاوف جدية من إغلاق هذه القنوات الحيوية، والتي يمثل الوصول إليها خطرًا حقيقيًا على حياة المواطنين الكوريين الشماليين.

تضاؤل الأصوات الحرة: تقليص البث إلى كوريا الشمالية

على مدى أكثر من عقدين، لعبت إذاعة كوريا الحرة (RFA) وصوت أمريكا (VOA) دورًا محوريًا في إيصال الأخبار والمعلومات غير الخاضعة للرقابة إلى كوريا الشمالية. وبالنسبة لسكان البلاد، حيث يتم التحكم في جميع وسائل الإعلام من قبل الدولة، يمثل الاستماع إلى هذه الإذاعات وسيلة نادرة للحصول على رؤى بديلة حول ما يحدث في العالم، وكذلك فهم الوضع الداخلي الحقيقي. يبث الصحفيون مثل لي سي يونغ وزملاؤها لمدة ساعتين يوميًا، مخاطرين بحياة من يستمع إليهم داخل الحدود.

لكن هذا العمل الحاسم أصبح الآن مهددًا. ففي مارس الماضي، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يقضي بتفكيك الوكالة التي تشرف على وتمول هذه الشبكات الإعلامية. واعتبر ترامب أن هذه الشبكات كانت منحازة سياسياً أو غير فعالة من حيث التكلفة.

كوريا الجنوبية تقلص دورها أيضًا

لم تكن الولايات المتحدة وحدها من قلصت دعمها للبث إلى كوريا الشمالية. فقد اتخذت الحكومة الليبرالية في كوريا الجنوبية، بقيادة الرئيس لي جاي ميونغ، خطوات مماثلة في محاولة لتهدئة العلاقات مع جارتها الشمالية. تم إغلاق مكبرات الصوت الحدودية التي كانت تبث الأغاني والأخبار، وتم منع نشطاء حقوق الإنسان من إرسال بالونات محملة بالمنشورات الدعائية وأجهزة USB عبر الحدود.

هذه التطورات أثارت قلقًا بالغًا بين المنشقين الكوريين الشماليين والناشطين الذين يعتقدون أن هذه القنوات تمثل شريان حياة مهمًا لسكان البلاد. لقد شعروا بالخيانة والخذلان من قبل الحكومات التي كانت تعتبر داعمة لحقوق الإنسان والحريات في كوريا الشمالية.

التأثير على المستمعين داخل كوريا الشمالية

تشير تقديرات موثوقة، مثل تلك التي نشرها موقع 38 نورث الأكاديمي، إلى أن البث الخارجي إلى كوريا الشمالية انخفض بنسبة مذهلة تصل إلى 85٪ بعد هذه التخفيضات. وهذا يعني أن ملايين الأشخاص قد فقدوا الوصول إلى مصدر معلومات حيوي، مما يجعلهم أكثر عرضة للدعاية الحكومية والتضليل.

داخل كوريا الشمالية، يواجه المستمعون مخاطر جسيمة. فجميع أجهزة الراديو والتلفزيون مجهزة بحيث تعمل فقط على القنوات الرسمية. لذلك، يجب على أولئك الذين يرغبون في الاستماع إلى الأخبار الأجنبية تعديل أجهزة الراديو الخاصة بهم أو استخدام أجهزة مهربة، وهو أمر قد يعرضهم للسجن أو حتى الإعدام في حال اكتشافهم. على الرغم من ذلك، يستمر الكثيرون في المخاطرة، مدفوعين برغبتهم في معرفة الحقيقة.

بدائل ناشئة: جهود مدنية وتكنولوجية

على الرغم من هذه النكسات، لم يستسلم الجميع. هناك عدد قليل من المنظمات المدنية والدينية التي لا تزال تبث برامجها إلى كوريا الشمالية. إذاعة FNK، بقيادة لي سي يونغ، هي واحدة من هذه المنظمات، لكنها تواجه صعوبة في تعويض الفراغ الذي خلفه صمت المحطات الأكبر.

بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مبادرات جديدة تستخدم التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى الجمهور الكوري الشمالي. أسس لي يونغ هيون، المنشق والمحامي، موقعًا إلكترونيًا وتطبيقًا للهاتف المحمول يستهدفان الكوريين الشماليين الذين يعيشون في الخارج، والذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الإنترنت. يهدف هذا المشروع إلى تزويدهم بمعلومات عملية ونصائح حول الحياة في الخارج، بالإضافة إلى تعريفهم بمفاهيم الحرية والحقوق.

نافذة على عالم أرحب

يرى العديد من المنشقين أن البث الإذاعي الأجنبي لعب دورًا حاسمًا في تشكيل وجهات نظرهم واتخاذ قرارهم بالفرار من كوريا الشمالية. فقد أتاحت لهم هذه الإذاعات رؤية عالم مختلف، عالم يتسم بالثراء والحرية والفرص.

يتذكر بايك يوسيب الصدمة التي شعر بها عندما سمع عن الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سيول من خلال إذاعة كورية جنوبية، وهو أمر كان لا يمكن تصوره في وطنه. كما يروي كيم كي سونغ كيف أثّر الاستماع إلى البرامج الكورية الجنوبية على قراره بالانشقاق في عام 1999. ويؤكد كيم أنه حتى لو كان هناك شخص واحد فقط يستمع إلى هذه البرامج، فإن الاستمرار في بثها أمر ضروري.

مستقبل المعلومات في كوريا الشمالية

يبدو مستقبل بث المعلومات المستقلة إلى كوريا الشمالية قاتمًا في الوقت الحالي. ومع تزايد القيود وتراجع الدعم، يخشى الكثيرون من أن يفقد الشعب الكوري الشمالي آخر نافذة له على العالم الخارجي.

لكن المنشقين والناشطين مصممون على الاستمرار في جهودهم. وهم يعتقدون أن المعلومات هي أقوى سلاح في مواجهة الاستبداد، وأن الوصول إليها حق أساسي من حقوق الإنسان يجب الدفاع عنه. ويأملون في أن تتمكن المبادرات الجديدة، مثل موقع لي يونغ هيون، من سد بعض الفجوات وأن توفر للمواطنين الكوريين الشماليين طريقة بديلة للحصول على المعلومات التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة والازدهار.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد البعض أن كوريا الشمالية قد تخفف في نهاية المطاف قيودها على الإنترنت، على الأقل جزئيًا، للسماح للشركات الأجنبية بفتح مكاتب محلية. ومع ذلك، يشكك العديد من المراقبين في هذا الاحتمال، مشيرين إلى القمع المتزايد الذي تمارسه الدولة على أي تأثير ثقافي أجنبي.

في النهاية، يبقى مصير المعلومات في كوريا الشمالية معلقًا على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، وعلى إرادة المجتمع الدولي في مواصلة دعم جهود نشر المعلومات الحرة.

(ملاحظة: تم استهداف الكلمة المفتاحية “كوريا الشمالية” بشكل متكرر ولكن بشكل طبيعي في جميع أنحاء النص. تم تضمين الكلمات المفتاحية الثانوية “البث الإذاعي” و “المنشقين” أيضًا. تم تصميم النص ليكون واضحًا وموجزًا وسهل القراءة، مع الحفاظ على لهجة احترافية.)

شاركها.
Exit mobile version