تعتبر قائمة الشرف للعام الجديد في المملكة المتحدة تقليدًا عريقًا يعكس تقدير البلاد لأفراد ساهموا بشكل ملحوظ في مختلف المجالات. هذا العام، شهدت القائمة تكريمًا لمجموعة متنوعة من الشخصيات البارزة، بدءًا من نجوم هوليود وصولًا إلى مدرب جودو تجاوز المئة عام، مما يعكس التنوع والعمق في مساهمات الأفراد الذين تم اختيارهم. يمثل هذا التكريم اعترافًا بالخدمات الجليلة التي قدموها للمجتمع البريطاني، ويبرز أهمية قائمة الشرف للعام الجديد كرمز للتميز والتقدير.
تكريمات ملكية تضيء سماء بريطانيا
شهدت قائمة الشرف للعام الجديد لهذا العام منح وسام فارس للممثل البريطاني إدريس إلبا، المعروف بأدواره القوية في مسلسلات وأفلام مثل “The Wire” و “A House of Dynamite”. لم يأتِ هذا التكريم تقديرًا لموهبته الفنية فحسب، بل أيضًا لجهوده الإنسانية من خلال مؤسسة إلبا هوب التي أسسها مع زوجته سابرينا، والتي تهدف إلى دعم الشباب ومواجهة قضايا مثل عنف السكاكين والفقر. إلبا، الذي استقبل التكريم نيابة عن الشباب الذين تخدمهم المؤسسة، أكد على أهمية الدعم المستمر للشباب والمسؤولية الجماعية في مساعدتهم على بناء مستقبل أفضل.
أساطير الرياضة والفن تتألق
لم تقتصر التكريمات على المجال الفني فحسب، بل شملت أيضًا أساطير الرياضة. فقد تم منح ثنائي الرقص على الجليد، جين تورفيل وكريستوفر دين، أعلى درجات الشرف تقديرًا لإنجازاتهما الرياضية الرائعة، وخاصة الميدالية الذهبية التي فازا بها في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1984 في سراييفو. هذا التكريم يعكس مكانة الرياضة في الثقافة البريطانية وأهمية الإنجازات الأولمبية في رفع اسم البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، حصلت الممثلة والمغنية سينثيا إريفو، الصاعدة بقوة في عالم السينما والموسيقى، على وسام العضو في الإمبراطورية البريطانية (MBE) تقديرًا لمساهماتها في الموسيقى والدراما. وتستعد إريفو لدور رئيسي في فيلم “Wicked” المنتظر، مما يؤكد على موهبتها المتألقة ومستقبلها الواعد.
تقدير الإرث والتفاني
من بين المكرمين أيضًا، برز اسم جون هيرن، المعروف بـ “جودو جاك”، مدرب الجودو البالغ من العمر 102 عامًا، والذي تم منحه وسام الإمبراطورية البريطانية. وقد حاز هيرن على اعتراف عالمي من قبل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر مدرب جودو في العالم، مما يعكس إرثه الطويل وتفانيه في هذه الرياضة.
كما لم تغفل قائمة الشرف للعام الجديد عن تكريم الأبطال المجهولين. فقد تم تكريم المؤلف والممثل الكوميدي ريتشارد عثمان، مؤلف سلسلة “نادي القتل الخميس” الناجحة، ومنحته لقب ضابط في الإمبراطورية البريطانية. بالإضافة إلى ذلك، تم تكريم عداءة الماراثون المتقاعدة باولا رادكليف بنفس اللقب، تقديرًا لإنجازاتها الرياضية. ولم ينسَ التكريم أيضًا ميرفين كيرش، المخضرم في معركة نورماندي (D-Day) البالغ من العمر 101 عامًا، الذي حصل على وسام الإمبراطورية البريطانية لمحادثاته المدرسية حول ذكرى المحرقة وخدمته في زمن الحرب.
تاريخ عريق ونظام تقدير متطور
يعود تاريخ نظام الشرف البريطاني إلى العصور الوسطى، حيث كان الملوك يقدمون الهدايا والأراضي والألقاب لأولئك الذين يخدمون التاج. ومع مرور الوقت، تطور هذا النظام ليصبح تسلسلًا هرميًا للأوسمة الفخرية التي يمنحها الملك بناءً على توصية من الحكومة.
تُمنح هذه الأوسمة اليوم تقديرًا للمساهمات في مجالات متنوعة مثل الحكومة والأوساط الأكاديمية والفنون والرياضة. وعلى الرغم من أن العديد من الجوائز تذهب إلى الشخصيات السياسية ونجوم البوب والرياضيين المتميزين، إلا أن القائمة غالبًا ما تشمل أفرادًا عاديين مثل أمناء المكتبات والعاملين في الأعمال الخيرية وموظفي الخدمة المدنية الذين يخدمون مجتمعاتهم بتفانٍ وإخلاص.
مستويات التكريم والاحتفالات الملكية
تتضمن قائمة الشرف للعام الجديد ثلاثة مستويات رئيسية من الأوسمة: القائد (CBE)، والضابط (OBE)، والعضو (MBE). يحق للمستلمين استخدام الأحرف الأولى المتعلقة بجائزتهم بعد أسمائهم. أما بالنسبة لأعلى الأوسمة، وهي وسام الفروسية والسيدة، فيحق للرجال الحاصلين عليها استخدام لقب “سيدي” والنساء استخدام لقب “سيدة” قبل أسمائهم.
يتم الإعلان عن هذه التكريمات مرتين سنويًا، في رأس السنة وعيد ميلاد الملك. وتُقدم الأوسمة من قبل الملك أو أحد أفراد العائلة المالكة في احتفالات خاصة تقام على مدار العام.
في الختام، تعكس قائمة الشرف للعام الجديد قيم التميز والتفاني والخدمة المجتمعية التي تحتفي بها المملكة المتحدة. إنها فرصة للاعتراف بجهود الأفراد الذين ساهموا في إثراء حياة الآخرين وترك بصمة إيجابية في المجتمع. يمكنكم الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول نظام الشرف البريطاني على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية.

