بيدفورد، نيويورك (أ ف ب) – يجلس بريندان فريزر أمام مدفأة، يراقب الجمر الخافت. “لدي رغبة ملحة في إشعال هذه النار بشدة” يقولها مبتسمًا. الممثل البالغ من العمر 56 عامًا يستمتع بوجبة إفطار متأخرة في فندق بوتيكي في ويستشستر، ليس بعيدًا عن منزله. وصوله، كعادته، كان مصحوبًا بحماس واضح، ورحب بالخادم بود، وطلب طبقًا من البيض المسلوق ودقيق الشوفان، ثم عاد بنظراته إلى اللهب المتراقص. هذه هي حالة بريندان فريزر الآن، حالة مزيج من التأمل والاستعداد لمرحلة جديدة.
عودة الأسطورة: من التسعينيات إلى الأوسكار
بعد سنوات من الأدوار المتنوعة، وتراجع النجومية، أعاد بريندان فريزر إشعال مسيرته المهنية بشكل مذهل بفضل دوره المذهل في فيلم “الحوت” (The Whale) عام 2022. فوزه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل لم يكن مجرد تتويج لفنه، بل احتُفل به على نطاق واسع كعودة ملكية لنجم التسعينيات المحبوب الذي لمع في أفلام مثل “Encino Man” و”George of the Jungle” و”The Mummy”.
لم يكن هذا الانتصار مجرد استعادة لذكرى الماضي، بل كان أيضًا بمثابة تفادي لمأساة محتملة. فبعد سنوات من الابتعاد عن الأضواء، ووسط شائعات عن اعتداء جنسي، استطاع فريزر أن يعيد بناء صورته المهنية والشخصية، وأن يستعيد النجومية التي كادت أن تفارقه. هذا التحول الدراماتيكي يجعله شخصية ملهمة للكثيرين، ويضيف عمقًا جديدًا إلى أدواره.
“Rental Family”: دور جديد يلامس القلب
بعد ثلاث سنوات من “الحوت”، يطل فريزر على الجمهور بدور رئيسي جديد في فيلم “Rental Family” للمخرج هيكاري. تدور أحداث الفيلم في طوكيو، ويجسد فريزر شخصية ممثل مكافح، يلجأ إلى اليأس لقبول وظيفة غريبة: تقديم خدماته كـ”عائلة مستأجرة” لأشخاص يفتقدون الدفء العائلي.
على الرغم من أن فريزر لعب دور المغترب الأمريكي المتعجرف والمثالي في فيلم “The Quiet American” عام 2002، إلا أن “Rental Family” يعكس شخصيته الحالية بشكل أكبر: شخص حساس، فضولي، ودائم البحث عن آفاق جديدة. هذا الدور يتيح له استكشاف أعماق النفس البشرية، وتقديم أداء يلامس القلوب.
الحظ والفرص: تأملات في رحلة فريزر
يتأمل فريزر رحلته الطويلة قائلاً: “أنا لا أستبعد أبدًا قوة الحظ الغبي”. يضيف ضاحكًا: “جورج الغابة كان ملك الحظ الغبي. كان هذا هو سلاحه السري. كان جورج يفوز دائمًا باليوم بسبب الحظ الغبي. لم يكن أي شيء يفعله مدروسًا، بل اتضح الأمر بهذه الطريقة.”
قبل سفره إلى مينيسوتا لحضور مؤتمر للمعجبين بفيلم “The Mummy”، تحدث فريزر عن جائزة الأوسكار التي حصل عليها، وتجربته الفريدة في اليابان أثناء تصوير “Rental Family”، وعودته المرتقبة إلى السلسلة التي حققت له شهرة واسعة. هذه اللحظات تكشف عن تواضع فريزر العميق، وشكره للفرص التي أتيحت له، وإدراكه لقيمة الحظ في الحياة.
الرماية، ألعاب الفيديو، والبحث عن السلام الداخلي
فريزر يكشف عن هواية جديدة: الرماية. “كنت أستعد لتزيين غزالنا المطاطي… لقد أعطاني طبيب أسناني مجموعة رائعة من قوالب أسناني، لذلك اعتقدت أنني سأعطيه بعض الأسنان”. وبعيدًا عن الرماية، يقضي فريزر وقته في لعب ألعاب الفيديو، خاصة “Zelda: Tears of the Kingdom”. “لا يوجد ما يكفي من الزهور المتفجرة في هذه اللعبة. Hyrule هو المكان الذي يمكنني الذهاب إليه في نهاية اليوم، مهما حدث. في بعض الأحيان أريد فقط أن أطفو. ولا ضرر في ذلك.” هذه الهوايات تعكس جانبه المرح والمغامر، ورغبته في الهروب من ضغوط الحياة والاستمتاع بالبسيط.
جائزة الأوسكار وتأثيرها على مسيرة بريندان فريزر
يسأل محرر وكالة أسوشيتد برس: “هل الفوز بجائزة الأوسكار غيّر أي شيء بالنسبة لك؟” يجيب فريزر بصراحة: “بصراحة، كنت أتجول طوال تلك الفترة بدون وكيل. كنت أبحث عن مشروع وحيد القرن الذي لم يتم نسيانه.” ويشرح أن الجائزة فتحت له أبوابًا لم تكن متاحة من قبل، ومنحته الفرصة للعمل مع مخرجين وفنانين موهوبين.
“أعطتني هيكاري الفرصة للتوافق مع ما يحدث في الفراغ بعد أن واجهت اعترافًا كهذا. أفكر في ذلك في كثير من الأحيان. في لحظة فتح المظروف، كان من الممكن أن تسير الأمور في أي اتجاه.” يشدد فريزر على أن الجائزة لم تمنحه “بطاقة تفويض مطلقة”، بل أكدت له أهمية العمل الجاد والمثابرة في صناعة مليئة بالتحديات.
قضية فيلم “Batgirl” والصناعة السينمائية
لا يتجنب فريزر الحديث عن القضايا الصعبة التي تواجه صناعة السينما، مثل قرار إلغاء فيلم “Batgirl” المكتمل. يعبر عن أسفه الشديد لما حدث، ويقول: “مأساة ذلك هي أن هناك جيلًا من الفتيات الصغيرات ليس لديهن بطلة يتطلعن إليها ويقولن: ‘إنها تشبهني’.” وينتقد الطريقة التي تتعامل بها الشركات مع الأفلام كـ”سلعة” فقط، بدلًا من النظر إليها كأعمال فنية ذات قيمة ثقافية واجتماعية.
العودة إلى “The Mummy” ومستقبل واعد
تم الإعلان مؤخرًا عن عودة بريندان فريزر إلى سلسلة أفلام “The Mummy”، بعد 17 عامًا من انتهاء الجزء الثالث. يرى فريستر أن هذا التطور بمثابة تحقيق حلم طال انتظاره. “الشيء الذي أردت صنعه لم يُصنع أبدًا… ولقد كنت أنتظر هذه المكالمة منذ 20 عامًا.” ويؤكد أنه متحمس لتقديم جزء جديد من السلسلة يلبي تطلعات الجماهير.
ختامًا، بريندان فريزر يمثل قصة نجاح ملهمة، قصة عودة قوية بعد سنوات من التحديات. إنه فنان موهوب، وشخص متواضع، ودائم البحث عن التجديد والإبداع. عودته إلى الأضواء ليست مجرد فرحة لمحبي السينما، بل هي دليل على أن الفرص يمكن أن تأتي في أي وقت، وأن المثابرة والإيمان بالنفس هما مفتاح تحقيق الأحلام. تابعوا أخباره وأعماله القادمة، فهو بالتأكيد لديه الكثير ليقدمه.

