في خضم صراع محموم على السلطة في هوليوود، تجد شركة وارنر براذرز ديسكفري نفسها في قلب معركة شد الحبل بين عملاقي البث، نتفليكس وباراماونت. هذه المنافسة الشرسة لا تعد بتغيير ملامح صناعة الترفيه فحسب، بل تشير أيضًا إلى طريق طويل وشاق من التحديات التنظيمية لأي من الطرفين الطامحين في الاستحواذ. يوم الأربعاء الماضي، حث مجلس إدارة وارنر المساهمين على دعم صفقة البيع المقترحة لنتفليكس، والتي تبلغ قيمتها 72 مليار دولار. وفي المقابل، تواصل شركة باراماونت، المدعومة من سكاي دانس، المضي قدمًا في عرضها العدائي للاستحواذ الكامل على وارنر، بقيمة 77.9 مليار دولار، والذي يشمل شبكات إخبارية بارزة مثل CNN.

مستقبل وارنر براذرز ديسكفري: صراع بين نتفليكس وباراماونت

بغض النظر عن النتيجة، فإن هذه الصفقة ستعيد تشكيل صناعة السينما والتلفزيون والبث بشكل جذري. من المتوقع أن تخضع أي عملية اندماج لتدقيق مكثف من قبل وزارة العدل الأمريكية، التي قد ترفع دعوى قضائية لمنع الصفقة أو تطلب إجراء تعديلات عليها. لكن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد، حيث يمكن لدول وكيانات أخرى أن تعترض على عملية الاستحواذ أيضًا. والأكثر إثارة للدهشة هو الدور المحتمل الذي قد يلعبه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أبدى اهتمامًا شخصيًا بالصفقة، مما يضيف عنصرًا من عدم اليقين السياسي إلى المشهد.

العملية برمتها قد تستغرق أكثر من عام، وربما أطول. لكن بغض النظر عن الفائز، فإن الملكية الجديدة لأصول وارنر براذرز ديسكفري ستترك بصمة لا تمحى على صناعة الترفيه.

نظرة فاحصة على اللاعبين الرئيسيين

وارنر براذرز ديسكفري ليست مجرد شركة إنتاج، بل هي إرث هوليوودي عريق يمتد لأكثر من 102 عامًا. تعتبر واحدة من “الخمسة الكبار” في عالم الاستوديوهات، حيث تنتج أفلامًا أيقونية مثل سلسلة “هاري بوتر” و”سوبرمان”. وتمتلك أيضًا شبكات كابلية رائدة مثل CNN وDiscovery، بالإضافة إلى استوديوهات DC Studios وخدمة البث HBO Max.

أما باراماونت، التي أكملت اندماجًا بقيمة 8 مليارات دولار مع سكاي دانس قبل بضعة أشهر فقط، فهي أيضًا من بين الاستوديوهات التاريخية المتبقية في هوليوود. تشمل قائمة إنتاجها الناجحة أفلامًا مثل “Top Gun” و”The Godfather”. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الشركة شبكات تلفزيونية شهيرة مثل CBS وMTV وNickelodeon، وخدمة البث Paramount+. هذه التشكيلة القوية تجعلها منافسًا قويًا في سوق الاندماج والاستحواذ.

مكانة نتفليكس في المعادلة

تعتبر نتفليكس رائدة في مجال البث المباشر، حيث تسيطر على 20% من سوق الاشتراكات عند الطلب في الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات من دليل البث JustWatch. بالمقارنة، فإن حصة HBO Max تبلغ 13% وParamount+ 7%. لكن نتفليكس لم تكتفِ بذلك، بل قامت أيضًا بتطوير ذراعها الإنتاجي الخاص، وقدمت مسلسلات ناجحة مثل “Squid Game” و”Stranger Things”.

بإجمالي قيمة سوقية تبلغ حوالي 430 مليار دولار، تتفوق نتفليكس على منافسيها. في حين تبلغ قيمة وارنر براذرز ديسكفري حوالي 70 مليار دولار، وتقترب قيمة باراماونت سكاي دانس من 14 مليار دولار.

العقبات التنظيمية المحتملة

أشارت باراماونت بالفعل إلى الهيمنة التي تتمتع بها نتفليكس في سوق البث، بحجة أن دمج HBO Max تحت مظلة واحدة سيسحق المنافسة ويمنح نتفليكس حصة سوقية “ساحقة”. لكن نتفليكس تدافع عن صفقتها، مؤكدة أنها ستوفر للمستهلكين المزيد من الخيارات، وستمكنها من تقديم خطط وعناوين متنوعة من خلال كتالوج وارنر.

يتوقع خبراء مكافحة الاحتكار أن تحاول كل من باراماونت ونتفليكس إقناع المنظمين بأن المنافسة لا تقتصر على خدمات البث التقليدية، بل تشمل أيضًا مكتبات الفيديو الأوسع المتاحة على الإنترنت.

تأثير الاندماج على الإنتاج والأخبار

في حالة نجاح عملية الاستحواذ، فإن استحواذ باراماونت سيجمع بين اثنين من أكبر استوديوهات هوليوود. في حين أن نتفليكس قد وافقت على دعم التزامات وارنر بإصدار الأفلام في دور السينما، إلا أن النقاد يشككون في هذا الأمر، نظرًا لتركيز نتفليكس على البث عبر الإنترنت.

كما أن هناك مخاوف بشأن فقدان الوظائف المحتمل، حيث أن عمليات التسريح المرتبطة بإعادة الهيكلة شائعة بعد عمليات الاندماج. ومع ذلك، قد لا تخضع هذه التسريحات لتدقيق مكافحة الاحتكار.

بالنسبة لشركة باراماونت على وجه الخصوص، هناك أيضًا جانب إخباري يجب مراعاته. يتوقع المحامون أن يتم فحص احتمال دمج شبكة CNN التابعة لوارنر وشبكة CBS التابعة لباراماونت في المراجعة التنظيمية. لكنهم لا يعتقدون أن هذا الأمر سيكون بنفس أهمية أسئلة مكتبة البث والمحتوى.

دور ترامب المحتمل

لم يخفِ الرئيس السابق دونالد ترامب اهتمامه بصفقة وارنر، بل وأعلن أنه “سيشارك في هذا القرار”. هذا الاقتراح يثير القلق، حيث أن تدخل الرؤساء في قرارات مكافحة الاحتكار أمر غير مسبوق.

وقد صرح ترامب سابقًا بأن صفقة نتفليكس “قد تكون مشكلة” بسبب حجم حصة السوق المجمعة. في الوقت نفسه، يتمتع بعلاقة وثيقة مع لاري إليسون، مؤسس شركة أوراكل ووالد الرئيس التنفيذي لشركة باراماونت، الذي تدعم عائلته بقوة محاولة الاستحواذ على وارنر.

الخلاصة: مستقبل غير مؤكد لصناعة الترفيه

إن صراع الاستحواذ على وارنر براذرز ديسكفري يمثل لحظة فاصلة في صناعة الترفيه. بغض النظر عن النتيجة، فإن هذا الاندماج سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في المشهد الإعلامي، ويؤثر على كل من صناعة الأفلام وخدمات البث.

من الواضح أن الطريق أمام أي من المشتريين سيكون مليئًا بالتحديات التنظيمية والسياسية. لكن في النهاية، فإن الفائز في هذه المعركة سيحصل على قوة هائلة في هوليوود، وسيكون قادرًا على تشكيل مستقبل صناعة الترفيه لسنوات قادمة. تابعونا لمزيد من التحديثات حول هذا التطور المثير.

شاركها.
Exit mobile version