في السنوات الأخيرة، تصدرت منطقة شينجيانغ في الصين عناوين الأخبار بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق. وكشفت تقارير جديدة من وكالة أسوشيتد برس عن مستوى جديد ومقلق من القمع الثقافي، حيث تواجه السلطات المحلية سكان الأويغور الأصليين بتهديدات بالاعتقال بسبب الاستماع إلى، أو مشاركة، أو حتى تنزيل أغاني الأويغور. هذه السياسة، التي تم الكشف عنها من خلال تسجيل صوتي مسرب لاجتماع حكومي، تلقي الضوء على محاولات مستمرة لاحتواء الهوية الثقافية والدينية للأويغور.

حملة قمع ثقافي جديدة في شينجيانغ

التسجيل الصوتي، الذي حصلت عليه منظمة الأويغور هيلب ومقرها النرويج، يوثق اجتماعًا عُقد في أكتوبر الماضي في مدينة كاشغر، وهي مركز رئيسي لسكان الأويغور. خلال الاجتماع، حذرت الشرطة ومسؤولون آخرون السكان من أن أي شخص يجد لديه أغاني الأويغور “المشبوهة” على أجهزته، أو يستمع إليها، أو يشاركها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يواجه عواقب وخيمة، بما في ذلك الاعتقال.

هذا التهديد ليس مجرد كلام، فقد أكدت مقابلات أجرتها وكالة أسوشيتد برس مع مقيمين سابقين في شينجيانغ أن أفرادًا من عائلاتهم وأصدقائهم قد تم احتجازهم بالفعل بسبب أنشطة تتعلق بالموسيقى الأويغورية. كما أفادوا بأن الشرطة تقوم بفحص الهواتف المحمولة بشكل روتيني بحثًا عن هذه الأغاني المحظورة.

الأغاني “المشبوهة”: تعريف واسع النطاق

ما هي هذه الأغاني “المشبوهة”؟ وفقًا للتسجيل، تستهدف السلطات سبع فئات رئيسية من الموسيقى. تشمل هذه الفئات الأغاني ذات الإشارات الدينية، والأغاني التي “تحرف تاريخ الأويغور” وتشجع على الانفصال، والأغاني التي تنتقد حكم الحزب الشيوعي الصيني، والأغاني التي تحرض على الإرهاب أو التطرف، والأغاني التي تعبر عن الاستياء من الحكومة، وحتى الأغاني التي تعتبر “قذرة” أو “غير لائقة”.

هذا التعريف الواسع يثير قلقًا بالغًا، حيث يشير إلى أن أي أغنية باللغة الأويغورية تقريبًا يمكن اعتبارها “مشبوهة” وبالتالي محظورة. ومن الأمثلة التي ذكرت في الاجتماع أغنية شعبية قديمة بعنوان “بيش بيدي” (قصة حب) والتي تتضمن كلمة “الله”، وأغنية وطنية بعنوان “الأجداد” للموسيقار الأويغوري الشهير عبد الرحيم هييت، الذي تم اعتقاله بالفعل.

عقوبات صارمة على انتهاك الحظر الموسيقي

لا تتردد السلطات في تطبيق عقوبات صارمة على من ينتهك هذا الحظر الموسيقي. فقد حذرت من “ملاحقة قضائية شديدة” دون تحديد طبيعة العقوبة، مما يمنحهم مرونة واسعة في التعامل مع المخالفين.

وقد تم بالفعل احتجاز العديد من الأشخاص لفترات قصيرة بسبب حيازة أغاني الأويغور المحظورة، حيث قضى البعض 10 أيام في الاحتجاز. لكن العقوبات يمكن أن تكون أشد بكثير، كما يتضح من قضية ياشار شياوهيلايتي، وهو منتج موسيقي أويغوري حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد تحميل 42 أغنية “مشبوهة” على حسابه في خدمة بث الموسيقى الصينية NetEase Cloud Music. هذه القضية تؤكد أن السلطات تتعامل مع هذا الأمر بجدية بالغة.

استمرار القمع في شينجيانغ: ما وراء معسكرات الاعتقال

على الرغم من أن الحكومة الصينية تصر على أن الأقليات في شينجيانغ تتمتع بحرية التعبير عن ثقافتها ودينها، إلا أن الأدلة تشير إلى خلاف ذلك. يرى الخبراء أن هذا الحظر الموسيقي هو مجرد مثال آخر على استمرار القمع في المنطقة، حتى بعد انخفاض عدد الأشخاص المحتجزين في “معسكرات إعادة التعليم” التي أثارت جدلاً دوليًا واسعًا.

يشير ريان ثوم، المحاضر الأول في تاريخ شرق آسيا بجامعة مانشستر، إلى أن “معظم أشكال القمع التي شهدناها في 2017/18/19 إما استمرت أو ازدادت سوءًا”. ويضيف أن أشكال السيطرة الأخرى، مثل التوسع في المدارس الداخلية التي تفصل الأطفال عن عائلاتهم وتركز بشكل حصري على تعليم اللغة الصينية الماندرين، والفحص العشوائي للهواتف المحمولة، تساهم في خلق بيئة من الخوف والرقابة.

الآثار المترتبة على الهوية الثقافية الأويغورية

هذا القمع الموسيقي له آثار عميقة على الهوية الثقافية الأويغورية. فالموسيقى جزء لا يتجزأ من ثقافة الأويغور، وهي وسيلة للتعبير عن تاريخهم وقيمهم ومعتقداتهم. من خلال استهداف أغاني الأويغور، تحاول السلطات الصينية تهميش ثقافة الأويغور وتقويض شعورهم بالهوية.

هذا التهديد لا يقتصر على الأغاني التقليدية، بل يمتد ليشمل أيضًا الأغاني الحديثة التي تنتجها الجالية الأويغورية في الشتات. هذا يشير إلى أن السلطات الصينية تسعى إلى السيطرة على جميع جوانب الثقافة الأويغورية، سواء داخل الصين أو خارجها.

في الختام، يكشف الحظر الجديد على أغاني الأويغور في شينجيانغ عن مستوى مقلق من القمع الثقافي. هذه السياسة، إلى جانب أشكال الرقابة الأخرى، تهدد بتقويض الهوية الثقافية الأويغورية وتعميق الأزمة الإنسانية في المنطقة. من الضروري أن تستمر المنظمات الدولية في مراقبة الوضع في شينجيانغ وأن تضغط على الحكومة الصينية لوقف هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان. شارك هذا المقال لزيادة الوعي حول هذا الموضوع الهام.

شاركها.
Exit mobile version