هونج كونج في حالة حداد بعد حريق مروع، حيث لا يزال رجال الإطفاء يواصلون جهودهم الدؤوبة للبحث عن ناجين محتملين في مجمع سكني بمدينة تاي بو. هذا الحريق في هونج كونج، الذي اندلع في مجمع وانغ فوك كورت، أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 94 شخصًا، مما يجعله من أسوأ الحوادث التي شهدتها المدينة منذ عقود. وتلقي السلطات استمرارًا في تلقي بلاغات عن مفقودين، مما يزيد من حجم المأساة.

تفاصيل الحريق وتصاعد الخسائر

اندلع الحريق بعد ظهر الأربعاء في أحد الأبراج الثمانية للمجمع، وسرعان ما انتشر إلى ستة أبراج أخرى. ويعزى الانتشار السريع للنيران إلى وجود سقالات خيزران مثبتة حول المباني لأغراض التجديد، بالإضافة إلى المواد المستخدمة في أعمال الترميم التي لم تكن مقاومة للحريق بشكل كاف.

رجال الإطفاء واجهوا تحديات هائلة في إخماد النيران التي استعرت في جميع أنحاء المجمع، حيث استغرق الأمر أكثر من 24 ساعة للسيطرة عليها بشكل كامل. وحتى بعد ذلك، استمر الدخان في الانبعاث من المباني المتفحمة، مع تجدد الاشتعال في بعض الأحيان. تسببت هذه الظروف في صعوبة بالغة على فرق الإنقاذ في الوصول إلى جميع الشقق.

عمليات البحث والإنقاذ المستمرة

واصل رجال الإطفاء تمشيط المجمع شقة تلو الأخرى يوم الجمعة، مع التركيز على الشقق التي وردت منها مكالمات استغاثة خلال الحريق. وأفاد نائب مدير خدمات الإطفاء في هونج كونج، ديريك أرمسترونج تشان، بأنه لم يتمكنوا من الوصول إلى العديد من هذه الشقق بعد. “عمليتنا لمكافحة الحرائق أوشكت على الانتهاء، لكننا الآن نركز بشكل كامل على البحث عن أي شخص قد يكون على قيد الحياة”، صرح تشان للصحفيين.

ولم تتضح بعد الأعداد الدقيقة للأشخاص الذين قد يكونون داخل المباني التي تضم حوالي 2000 شقة ويقطنها ما يقرب من 4800 نسمة. وأكد رئيسة منطقة هونج كونج الإدارية، جون لي، أنهم لم يتمكنوا من الاتصال بـ 279 من السكان حتى الآن. ويخشى المسؤولون من أن عدد القتلى قد يرتفع مع استمرار عمليات البحث.

تحقيق في شبهات فساد وسلامة المباني

بالتزامن مع جهود الإنقاذ، فتحت السلطات تحقيقًا شاملاً في أسباب الحريق، مع التركيز بشكل خاص على السلامة الإنشائية وعمليات التجديد. تشتبه وكالة مكافحة الفساد في هونج كونج في وجود شبهات فساد محتملة مرتبطة بمشروع التجديد.

وقد تم القبض على ثلاثة رجال، هم مديرو ومستشار هندسي لشركة إنشاءات، بتهمة القتل غير العمد بسبب الإهمال الجسيم. على الرغم من أن الشرطة لم تكشف عن اسم الشركة المعنية، إلا أن تقارير إعلامية أكدت أنها شركة برستيج للإنشاءات والهندسة. وتم بالفعل مصادرة وثائق الشركة للتحليل.

وتشير التحقيقات الأولية إلى أن بعض المواد المستخدمة في الواجهات الخارجية للمباني لم تكن مطابقة لمعايير مقاومة الحريق. بالإضافة إلى ذلك، عثرت الشرطة على ألواح رغوية بلاستيكية شديدة الاشتعال مثبتة على النوافذ في البرج الوحيد الذي لم يتأثر، ويُعتقد أن شركة البناء هي التي قامت بتركيبها دون توضيح الغرض منها، مما أثار تساؤلات حول إجراءات السلامة المتبعة.

خطط لفحص شامل للمباني المماثلة

في أعقاب هذه المأساة، أعلنت السلطات عن خطط لإجراء عمليات تفتيش فورية وشاملة على جميع المجمعات السكنية التي تخضع لأعمال تجديد كبيرة. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان مطابقة جميع السقالات ومواد البناء لمعايير السلامة المطلوبة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية. تعزيز إجراءات السلامة في المباني القديمة أصبحت ضرورة ملحة.

تأثير الحريق على المجتمع

تركت هذه المأساة ندوبًا عميقة في مجتمع هونج كونج. يقول السكان إن الحريق قد كشف عن نقاط ضعف في أنظمة السلامة في المباني القديمة، خاصة تلك التي تخضع لأعمال تجديد. كما أثار الحريق تساؤلات حول الرقابة على الشركات المسؤولة عن هذه التجديدات. الوضع يطالب بمراجعة شاملة لـ قوانين البناء في هونج كونج.

وأدى الحريق في تاي بو إلى إيواء حوالي 900 شخص في ملاجئ مؤقتة، حيث يحتاجون إلى الدعم النفسي والمادي. وتقدم العديد من المنظمات الخيرية المساعدة للمتضررين، ولكن الاحتياجات لا تزال هائلة.

خاتمة

يظل الحريق في هونج كونج تذكيرًا مؤلمًا بأهمية السلامة من الحرائق والالتزام بمعايير البناء. الجهود المستمرة في البحث عن ناجين، والتحقيقات الجارية، وخطط السلطات لفحص المباني المماثلة هي خطوات مهمة نحو منع تكرار هذه المأساة. نأمل أن يتمكن الجرحى من الشفاء وأن يتلقى أهالي الضحايا التعويض المناسب. من الضروري الآن دعم المتضررين والمشاركة في الجهود الرامية إلى تحسين السلامة في جميع أنحاء المدينة.

شاركها.
Exit mobile version