كندا والهند تسعيان لتسريع اتفاق تجاري وسط تحولات جيوسياسية واقتصادية
أعلنت وزيرة الخارجية الكندية أنيتا أناند يوم الاثنين أن كندا والهند ستعملان بوتيرة سريعة لإنجاز اتفاق تجاري جديد، بعد فترة من التوتر استمرت عامين. يأتي هذا الإعلان في إطار سياسة خارجية كندية جديدة تهدف إلى تنويع الشركاء التجاريين والاستجابة للتغيرات التي طرأت على المشهد الاقتصادي العالمي، بما في ذلك سياسات التجارة الحمائية التي انتهجها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذا التطور يعزز آفاق التجارة الكندية الهندية ويضعها في صدارة أولويات الحكومة الكندية.
اجتماع قمة العشرين يمهد الطريق لتعزيز العلاقات التجارية
جاء تصريح أناند عقب لقاء جمع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بنظيره الهندي ناريندرا مودي على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها جنوب إفريقيا. خلال هذا الاجتماع، اتفق الطرفان على استئناف المحادثات المتوقفة بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري شامل يعود بالنفع على كلا البلدين. وقد أكد القادة على أهمية تسريع هذه العملية.
أناند أشارت إلى أن رئيس الوزراء ترودو يهدف إلى مضاعفة حجم التجارة مع الدول غير الأمريكية بحلول عام 2030. هذا الهدف يعكس إدراك كندا لأهمية تنويع أسواقها وتخفيف اعتمادها الكبير على الولايات المتحدة. مع أن أكثر من 75% من الصادرات الكندية تذهب حالياً إلى الجار الشمالي، إلا أن كندا تدرك ضرورة بناء علاقات اقتصادية قوية مع دول أخرى مثل الهند.
خلفية التوتر وعودة الدفء للعلاقات
العلاقات بين كندا والهند شهدت فتوراً ملحوظاً بعد اتهام الشرطة الهندية بالوقوف وراء اغتيال الناشط الكندي من السيخ، هارديب سينغ نيجار، في يونيو 2023 بالقرب من فانكوفر. هذا الحادث أثار غضباً واسعاً في كندا وأدى إلى تعليق المحادثات التجارية.
ومع ذلك، بدأت العلاقات في التحسن التدريجي. في يونيو الماضي، وجه رئيس الوزراء ترودو دعوة لنظيره الهندي مودي لحضور قمة مجموعة السبع في ألبرتا. وفي أغسطس، اتفق البلدان على إعادة سفراءهما إلى بعضهما البعض، مما يشير إلى رغبة مشتركة في تجاوز الخلافات واستعادة العلاقات الدبلوماسية. أناند وصفت هذه العملية بأنها “خطوة بخطوة”، مع التأكيد على أن “خطوات مهمة” قد اتخذت في الأشهر الستة الماضية.
أهداف طموحة للتعاون الاقتصادي بين كندا والهند
تتطلع كندا والهند إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما ليصل إلى 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030. كندا تعد بالفعل الشريك التجاري السابع للهند من حيث السلع والخدمات، وهي أيضاً من بين أكبر المستثمرين الأجانب في الهند. هذا يشير إلى وجود أساس قوي للنمو الاقتصادي المستقبلي.
مجالات التعاون المحتملة
يشمل التعاون المحتمل بين البلدين مجالات متنوعة، مثل:
- الطاقة المتجددة: تبادل الخبرات والتكنولوجيا في مجال الطاقة النظيفة.
- التكنولوجيا: الاستثمار في الشركات الناشئة والابتكار في قطاع التكنولوجيا.
- الزراعة: زيادة الصادرات الزراعية بين البلدين.
- البنية التحتية: التعاون في تطوير البنية التحتية في الهند.
- التعليم: تعزيز برامج التبادل الطلابي والبحثي.
استراتيجية كندية جديدة لمواجهة الحمائية التجارية
يأتي هذا التقارب مع الهند في سياق استراتيجية أوسع تتبناها كندا لتنويع علاقاتها التجارية العالمية. فقد أشارت أناند إلى أن هذا يمثل “نهجًا جديدًا تمامًا في السياسة الخارجية” يستجيب للبيئة الاقتصادية الحالية التي تشهد صعودًا للسياسات الحمائية.
وبالتزامن مع ذلك، تسعى كندا إلى تحسين العلاقات مع الصين. فقد شهد الشهر الماضي لقاءً بين رئيس الوزراء ترودو والرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش قمة آسيا والمحيط الهادئ، والذي يعتبر خطوة نحو إصلاح العلاقات المتوترة بين البلدين.
ملف المفاوضات مع الولايات المتحدة
على الرغم من الجهود المبذولة لتنويع الشركاء التجاريين، لا تزال كندا مستعدة لاستئناف المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة. فقد ذكرت أناند أن كندا “تعمل في ظل حقيقة أن الولايات المتحدة قد غيرت بشكل أساسي جميع علاقاتها التجارية”.
يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أنهى مفاوضات تجارية مع كندا بعد أن أعلنت مقاطعة أونتاريو عن موقف مضاد للرسوم الجمركية الأمريكية، وهو الأمر الذي أثار غضب ترامب. في ذلك الوقت، طالب ترامب بأن تصبح كندا “الولاية الأمريكية رقم 51”. ولكن، بغض النظر عن هذه الخلافات السابقة، تؤكد كندا أنها “تتطلع إلى العودة إلى الطاولة”. وستخضع اتفاقية التجارة الأمريكية USMCA للمراجعة في عام 2026، مما يشكل فرصة جديدة لمناقشة الشروط التجارية.
في الختام، يمثل التقارب بين كندا والهند خطوة إيجابية نحو تعزيز التعاون الاقتصادي وتخفيف الاعتماد على سوق واحد. مع استمرار التوترات التجارية العالمية، فإن تنويع الشركاء التجاريين يمثل ضرورة استراتيجية لكندا لضمان النمو والازدهار في المستقبل. لمزيد من المعلومات حول العلاقات الاقتصادية الدولية لكندا وخططها التجارية المستقبلية، يرجى زيارة الموقع الرسمي لوزارة التجارة الدولية الكندية.

