أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقترح جديد لإنهاء الحرب في أوكرانيا، أثار جدلاً واسعاً وتساؤلات حول مدى واقعيته وقبول الأطراف المعنية به. يتضمن هذا المقترح، الذي وصفه ترامب بـ “المفهوم المدروس بعناية”، إرسال مبعوثين أمريكيين إلى كل من روسيا وأوكرانيا لفتح قنوات الحوار، مع إمكانية عقد لقاءات مباشرة بين ترامب والرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي في المستقبل القريب. يأتي هذا الإعلان في ظل استمرار القتال وتصاعد التوترات بين البلدين، مع تحذيرات متزايدة من تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي والعالمي.

خطة ترامب لإنهاء الصراع: نظرة عامة

وصف الرئيس ترامب خطته بأنها تتكون من 28 نقطة، لكنه سرعان ما قلل من شأن هذا الرقم، مؤكداً أنها ليست “خطة” بالمعنى التقليدي، بل هي رؤية شاملة للحل. فيما يتعلق بالتفاصيل، تشير التقارير إلى أن الخطة قد تتضمن تنازلاً أوكرانياً عن أراضٍ لصالح روسيا، وتحديداً منطقة دونباس الشرقية، بالإضافة إلى مسائل أخرى تتعلق بالضمانات الأمنية والمستقبل السياسي لأوكرانيا.

هذا الطرح أثار تخوفات في كييف وأوروبا، حيث يرى البعض أنه قد يشجع على المزيد من العدوان الروسي ويقوض سيادة أوكرانيا. في المقابل، يرى أنصار الخطة أنها تمثل فرصة واقعية لإنهاء القتال وتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، خاصة وأن المفاوضات السابقة لم تحقق أي نتائج ملموسة.

ردود الفعل الأولية على المقترح

الرئيس زيلينسكي لم يخفِ قلقه من بعض جوانب الخطة، لا سيما تلك التي تتعلق بالتنازل عن الأراضي. واستدعى بسرعة مستشاريه وبدأ في التواصل مع المسؤولين الأمريكيين لمناقشة هذه المخاوف. في الوقت نفسه، أعرب القادة الأوروبيون عن استيائهم من أن ترامب لم يستشرهم بشكل كافٍ أثناء صياغة المقترح، وحرصوا على توجيه المفاوضات نحو معالجة القضايا التي تهمهم بشكل خاص.

دور المبعوثين الأمريكيين

أرسلت إدارة ترامب بالفعل مبعوثين إلى كل من موسكو وكييف لبدء عملية التفاوض. من المتوقع أن يلتقي ستيف ويتكوف، مطور العقارات الذي تحول إلى دبلوماسي، مع الرئيس بوتين في موسكو الأسبوع المقبل، وقد ينضم إليه صهره جاريد كوشنر. بينما سيتوجه وزير الجيش دان دريسكول للقاء المسؤولين الأوكرانيين لمناقشة تفاصيل المقترح وقياس مدى استعدادهم للتعاون.

التنازل عن الأراضي: نقطة خلاف رئيسية

تعتبر مسألة التنازل عن الأراضي من أبرز النقاط الخلافية في خطة ترامب. يدعو المقترح أوكرانيا إلى التخلي عن كامل منطقة دونباس الشرقية لصالح روسيا، على الرغم من أن جزءًا كبيرًا من هذه المنطقة لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية. يرى ترامب أن هذا التنازل أمر حتمي، مشيراً إلى أن القوات الروسية قد تستولي على هذه الأراضي في الأشهر القليلة المقبلة على أي حال.

لكن المحللين العسكريين يشيرون إلى أن استيلاء روسيا على كامل منطقة دونباس سيستغرق سنوات عديدة، بناءً على معدل التقدم الحالي. كما أن التنازل عن الأراضي سيشكل سابقة خطيرة، وقد يشجع على المزيد من المطالب الإقليمية من قبل روسيا أو غيرها من الدول.

تسريبات مكالمة ويتكوف وتأثيرها

أثارت تسريبات لمكالمة هاتفية جرت بين ستيف ويتكوف ومستشار الرئيس بوتين للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، جدلاً إضافياً حول خطة ترامب. كشفت التسريبات أن ويتكوف قام بتدريب أوشاكوف على كيفية التعامل مع المكالمة مع ترامب، وهو ما اعتبره البعض إهانة للرئيس الأمريكي وتفضيلًا للموقف الروسي.

وانتقد النائب الأمريكي دون بيكون هذا النهج بشدة، واصفاً ويتكوف بأنه “عميل روسي مدفوع الأجر” وطالب بطرده من المفاوضات. في المقابل، قلل ترامب من أهمية هذه التسريبات، ووصفها بأنها مجرد “شكل قياسي للغاية من أشكال التفاوض”.

تطورات ميدانية وجهود سلام متوازية

في الوقت الذي تجري فيه هذه المفاوضات، تستمر المعارك على الأراضي الأوكرانية. شنت روسيا موجة من الهجمات الليلية على العاصمة كييف، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وتدمير البنية التحتية الحيوية. في المقابل، أعلنت أوكرانيا عن هجوم بطائرات مسيرة على جنوب روسيا، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإلحاق أضرار بالمنازل.

بالتوازي مع جهود إدارة ترامب، هناك مبادرات سلام أخرى جارية. عقد مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون اجتماعًا في جنيف، وعقد اجتماع افتراضي لـ “تحالف الراغبين” لدول حلفاء أوكرانيا الأوروبيين. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن هذه الجهود تكتسب زخماً، وأن المفاوضات قد وصلت إلى “منعطف حاسم”.

مستقبل المفاوضات: طريق طويل ومليء بالتحديات

على الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة، لا يزال الطريق إلى السلام في أوكرانيا طويلاً ومليئاً بالتحديات. هناك العديد من القضايا العالقة التي يجب حلها، بما في ذلك مسألة الأراضي، والضمانات الأمنية، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات في الأيام والأسابيع القادمة، مع تدخل المزيد من الأطراف المعنية. وسيتطلب تحقيق السلام جهوداً دبلوماسية مكثفة، وتنازلات من جميع الأطراف، وإرادة سياسية قوية لإنهاء هذا الصراع المدمر. وتظل الحرب في أوكرانيا اختبارًا حقيقيًا للدبلوماسية الدولية وقدرتها على حل النزاعات المعقدة.

Secondary Keywords used:

  • الأمن الإقليمي
  • المفاوضات السابقة
  • الضمانات الأمنية
شاركها.
Exit mobile version