في ظل التحديات المتزايدة لأمن الطاقة العالمي، تبرز قبرص كلاعب محتمل في توفير بدائل للغاز الطبيعي، خاصةً مع سعي أوروبا لتقليل اعتمادها على روسيا. تشير التقديرات إلى وجود احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في قبرص تصل إلى 20 تريليون قدم مكعب، وقد تبدأ هذه الموارد في الوصول إلى الأسواق الأوروبية بحلول عام 2027. هذا التطور يمثل فرصة استراتيجية لكل من قبرص وأوروبا، ويعد بتعزيز أمن الطاقة الإقليمي.
قبرص تتجه لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا بحلول 2027
أعلن الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن أول شحنات الغاز الطبيعي ستأتي من حقل كرونوس، الذي تديره شركة إيني الإيطالية وشركة توتال إنيرجي الفرنسية. من المتوقع أن يتخذ الكونسورتيوم قرارًا نهائيًا بشأن المشروع العام المقبل، مع إمكانية معالجة الغاز في مدينة دمياط المصرية الساحلية قبل نقله إلى أوروبا عبر السفن.
هذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو تنويع مصادر الطاقة لأوروبا، ويأتي في وقت حرج حيث تسعى القارة إلى إيجاد بدائل موثوقة للغاز الروسي. كما أكد الرئيس خريستودوليدس على دور قبرص كجزء من حلول الطاقة لأمن الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، مشددًا على أهمية التنسيق مع الدول الأخرى للعمل كممر بديل للطاقة.
حجم الاحتياطيات القبرصية ومقارنتها بإمدادات روسيا
تعتبر كميات الغاز الطبيعي في قبرص حاليًا معادلة تقريبًا لإمدادات تكفي لعشر سنوات من الهيدروكربونات التي كانت روسيا تزود بها أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم، والذي يغذي أكثر من 22 مليون منزل بالكهرباء سنويًا. هذا يشير إلى الإمكانات الهائلة التي تمتلكها قبرص في المساهمة في أمن الطاقة الأوروبي.
البنية التحتية القائمة تسهل عملية التصدير
أشار وزير الطاقة القبرصي جورج باناناستاسيو إلى أن حقل كرونوس يمكن أن يصل إلى الأسواق بشكل أسرع نظرًا لإمكانية ربطه بالبنية التحتية القائمة بالفعل لنقل الغاز من حقل زور في مصر. هذا الربط يقلل من الحاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية الجديدة، ويسرع عملية التصدير.
خطط معالجة الغاز وتصديره
بالإضافة إلى حقل كرونوس، هناك خطط لتصدير الغاز الطبيعي من حقل أفروديت. تقترح هذه الخطط إنشاء مصنع معالجة عائم فوق الحقل لتحويل الهيدروكربونات إلى “غاز جاف” يمكن توجيهه مباشرة إلى المستهلكين في مصر. سيتم بعد ذلك معالجة الغاز في منشأة بالقرب من بورسعيد، إما للاستهلاك المحلي أو لتسييله وتصديره إلى أوروبا، بناءً على التشاور بين قبرص ومشغل الحقل، وهو تحالف بين شيفرون وشل ونيوميد إنرجي الإسرائيلية. هذه الخطط المتنوعة تعزز مرونة الغاز الطبيعي القبرصي وقدرته على تلبية احتياجات مختلفة.
التعاون الإقليمي وتوسيع التنقيب
يسعى الرئيس خريستودوليدس إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، حيث من المقرر أن يسافر إلى لبنان الأسبوع المقبل لمناقشة الخطط القبرصية. على الرغم من وجود خلافات حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إلا أن هناك اهتمامًا متزايدًا من شركات الطاقة الكبرى بترخيص المزيد من المناطق للتنقيب في المياه القبرصية.
إكسون موبيل وقطر إنرجي تمتلكان بالفعل تراخيص للتنقيب في منطقتين قبالة الساحل الجنوبي لقبرص، وقد حققتا اكتشافات واعدة في حقول جلاوكوس وبيغاسوس. تشير التقديرات إلى أن حقل جلاوكوس يحتوي على حوالي 4.5 تريليون قدم مكعب من الغاز، بينما لا يزال حجم حقل بيغاسوس قيد التحديد. هذه الاكتشافات الجديدة تعزز من الإمكانات المستقبلية لـ الغاز الطبيعي في قبرص وتؤكد على أهمية الاستمرار في استكشاف الموارد المتاحة.
مستقبل الطاقة في شرق المتوسط
إن تطوير موارد الغاز الطبيعي في قبرص يمثل فرصة تاريخية لتعزيز أمن الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا. من خلال التعاون الإقليمي والاستثمار في البنية التحتية، يمكن لقبرص أن تلعب دورًا حيويًا في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة وتوفير بدائل موثوقة للغاز الروسي. الخطط الطموحة لتصدير الغاز بحلول عام 2027، بالإضافة إلى الاكتشافات الجديدة المحتملة، تبشر بمستقبل واعد للطاقة في المنطقة. من الضروري مواصلة الاستثمار في التنقيب وتطوير البنية التحتية لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد القيمة.


