بورتوريكو تحت المجهر: تدقيق للحوافز الضريبية يجذب الأثرياء يثير جدلاً واسعاً
يشهد مناخ الاستثمار في بورتوريكو تحولاً ملحوظاً، حيث تخضع الحوافز الضريبية التي استقطبت آلاف الأمريكيين الأثرياء على مدار العقد الماضي لتدقيق مكثف. هذا التدقيق يأتي بعد نشر تقرير حديث من مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية (GAO) يلقي الضوء على الثغرات المحتملة في النظام، ويطالب بتعزيز الرقابة من قبل دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية (IRS). السؤال المطروح الآن: هل أصبحت بورتوريكو ملاذاً ضريبياً للأثرياء على حساب الاقتصاد المحلي وايرادات الضرائب الفيدرالية؟
الحوافز الضريبية في بورتوريكو: نظرة عامة
منذ عام 2012، قدمت حكومة بورتوريكو حوافز ضريبية مغرية بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي. تتجسد هذه الحوافز في قانونين رئيسيين: القانون 22 وقانون الخدمات المصدرة رقم 20.
القانون 22: جذب الأثرياء
يهدف القانون 22، المعروف أيضًا بقانون المستثمرين الأفراد، إلى جذب الأفراد الأثرياء للانتقال إلى بورتوريكو عن طريق تقديم إعفاء كامل من الضرائب على الأرباح والفائدة والمكاسب الرأسمالية طويلة الأجل. هذا القانون جعل بورتوريكو وجهة جذابة لأولئك الذين يسعون إلى تقليل أعبائهم الضريبية.
القانون 20: تعزيز الصادرات
بينما يركز القانون 22 على الأفراد، فإن القانون 20، أو قانون خدمات التصدير، يقدم حوافز للشركات التي تعمل في مجال تصدير الخدمات. تشمل هذه الحوافز معدل ضريبة شركات منخفض يبلغ 4% وإعفاء كامل من الضرائب على أرباح الأسهم وتوزيعات الأرباح.
تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية: كشف المخاوف
أثار تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية الصادر في مايو 2024 سلسلة من المخاوف بشأن فعالية الرقابة على هذه الحوافز الضريبية. وكشف التقرير أن الإعفاءات الضريبية يمكن أن تصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنويًا، ومع ذلك، هناك نقص ملحوظ في الجهود الرقابية للتأكد من أن المستفيدين يلتزمون بقواعد الإقامة ويتجنبون التهرب الضريبي الفيدرالي.
أشار التقرير إلى أن معظم المستثمرين الذين حصلوا على هذه الحوافز يأتون من ولايات كاليفورنيا وفلوريدا ونيويورك وتكساس. كما سلط الضوء على أن مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) واجهت صعوبات في الحصول على البيانات اللازمة للتحقق من الامتثال، وحتى عندما تم تحديد حالات مشتبه بها، لم يتم التعامل معها بالأولوية المطلوبة.
أوجه القصور في الرقابة الحكومية
أكد التقرير وجود عدة أوجه قصور في الرقابة الحكومية على الحوافز الضريبية في بورتوريكو:
- نقص البيانات: عدم قدرة مصلحة الضرائب الأمريكية على الحصول على بيانات كاملة، بما في ذلك أرقام الضمان الاجتماعي، عن المستفيدين من الحوافز.
- بطء الإجراءات: تأخر مصلحة الضرائب الأمريكية في معالجة حالات عدم الامتثال التي أحيلت إليها من قبل السلطات البورتوريكية.
- تحديات التدقيق: تعقيد عمليات تدقيق حسابات الأفراد ذوي الدخل المرتفع والثروات الكبيرة.
- ضعف التواصل: فجوات في التواصل والتنسيق بين مصلحة الضرائب الأمريكية والسلطات الضريبية في بورتوريكو.
ردود الفعل والانتقادات
أثار التقرير موجة من الانتقادات من قبل بعض المشرعين والناشطين الذين يرون أن هذه الحوافز الضريبية تعمق عدم المساواة في الثروة في بورتوريكو وتستنزف موارد الضرائب الفيدرالية. النائبة الأمريكية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز انتقدت بشدة هذه الإعفاءات، مؤكدة أنها “لا تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الثروة في الجزيرة فحسب، بل إنها تسرق أيضًا عائدات الضرائب الفيدرالية القيمة المستخدمة لتمويل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وغيرها من البرامج الفيدرالية الأساسية”.
في المقابل، يرى مؤيدو الحوافز الضريبية أنها ساهمت في خلق فرص عمل وزيادة الاستثمارات في بورتوريكو. تشير دراسة أجرتها وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة في بورتوريكو إلى أن الحوافز أدت إلى إنشاء أكثر من 36200 وظيفة واستقطاب أكثر من 2.5 مليار دولار من الاستثمارات.
ومع ذلك، حتى هذه الدراسة اعترفت بأن الحوافز كلفت الحكومة 184 مليون دولار في عام 2022. وقدرت وزارة الخزانة في بورتوريكو أن الحكومة ستتنازل عن 4.4 مليار دولار على مدى السنوات من 2020 إلى 2026 بسبب هذه الحوافز.
مستقبل الحوافز الضريبية في بورتوريكو
في ظل الضغوط المتزايدة والتدقيق المكثف، بدأت حكومة بورتوريكو في تشديد متطلبات الامتثال والإبلاغ المتعلقة بالحوافز الضريبية. وقد تم بالفعل مضاعفة التبرع السنوي الإلزامي للمنظمات غير الربحية إلى 10 آلاف دولار.
صرحت مصلحة الضرائب الأمريكية بأنها تتفق مع توصيات مكتب محاسبة الحكومة وتتخذ خطوات لتحسين الرقابة، بما في ذلك اتفاق مع مسؤولي خزانة بورتوريكو لتبادل البيانات بشكل سنوي.
يبدو أن مستقبل الحوافز الضريبية في بورتوريكو يتجه نحو مزيد من الرقابة والشفافية. السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه التغييرات ستكون كافية لمعالجة المخاوف بشأن التهرب الضريبي وعدم المساواة، مع الحفاظ على جاذبية بورتوريكو كوجهة استثمارية. العثور على التوازن الصحيح بين جذب الاستثمارات وحماية إيرادات الضرائب والعدالة الاجتماعية سيكون تحديًا رئيسيًا للحكومة البورتوريكية في السنوات القادمة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: الاستثمار في بورتوريكو، قانون المستثمرين الأفراد، التهرب الضريبي.

