في خضمّ التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها العديد من الأسر الأمريكية، تبرز مدينة روكي ماونت بولاية نورث كارولينا كنموذج مصغر يعكس حالة عدم اليقين والقلق التي تسود البلاد. فبينما تستعد الأسر للاحتفال بعيد الميلاد، يجد الكثيرون أنفسهم مجبرين على الاختيار بين تلبية الاحتياجات الأساسية والتمتع ببعض البهجة الموسمية. هذا الوضع الاقتصادي الصعب كان محورًا لزيارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى المدينة في نهاية الأسبوع الماضي، حيث سعى إلى التأكيد على سياساته الاقتصادية قبل الانتخابات القادمة.
الضغوط الاقتصادية في روكي ماونت: قصة دايجا براينت
تعكس قصة دايجا براينت، فنيّة المحركات التي عملت لمدة 22 يومًا متواصلًا لتوفير المال، واقعًا يعيشه الكثيرون في روكي ماونت وخارجها. فبعد جهد مضنٍ، تمكنت براينت أخيرًا من التسوق لعيد الميلاد، لكنها لم تستطع التخلص من شعور بالقلق. “الاضطرار إلى دفع الفواتير، والإيجار، ومحاولة قضاء عيد الميلاد في نفس الوقت، هذا أمر صعب للغاية”، قالت براينت بسخط، معبرة عن الإحباط الذي يشعر به الكثيرون في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. هذا الشعور بالضغط الاقتصادي يمتد ليشمل مختلف جوانب الحياة في المدينة، ويؤثر على الانتماء السياسي أيضًا.
ترامب يروج لسياساته الاقتصادية في معقل متأرجح
زيارة الرئيس ترامب إلى روكي ماونت كانت جزءًا من جولة أوسع تهدف إلى الترويج لسياساته الاقتصادية قبل الانتخابات النصفية. اختيرت روكي ماونت، الواقعة في منطقة مجلس النواب الأمريكي التي كانت تنافسية تاريخيًا، كوجهة استراتيجية. ومع ذلك، شهدت هذه المنطقة إعادة رسم للحدود من قبل المجلس التشريعي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بهدف تفضيل حزبهم في إطار حملة ترامب لتعزيز سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب.
خلال خطابه، أكد ترامب على أن الاقتصاد يتجه نحو التحسن، وأن البلاد ستشهد بعض الراحة في العام الجديد. كما تفاخر بالإنجازات التي حققها خلال فترة رئاسته، مثل تحقيق إيرادات بمليارات الدولارات من خلال التعريفات الجمركية، والضغط على شركات الأدوية لخفض الأسعار، وتقديم ما يسمى بـ “أرباح المحارب” للقوات الأمريكية. لكنه في الوقت نفسه، قلل من شأن المخاوف المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف، وشجع الأمريكيين على تقليل استهلاكهم.
روكي ماونت: تحول اقتصادي وتحديات مستمرة
تعتبر روكي ماونت مدينة ذات تاريخ عريق، حيث كانت في السابق مركزًا مزدهرًا لصناعة التبغ. ومع ذلك، شهدت المدينة تحولًا اقتصاديًا على مر العقود، حيث سعت إلى تنويع اقتصادها من خلال الاستفادة من صناعات أخرى مثل التصنيع والمستحضرات الصيدلانية الحيوية. ومع ذلك، لم تسلم المدينة من التحديات، حيث أدت المشاكل المالية في حكومة المدينة إلى ارتفاع أسعار المرافق للمقيمين.
تأثير ارتفاع الأسعار على الشركات الصغيرة
تأثرت الشركات الصغيرة في روكي ماونت بشكل خاص بالضغوط الاقتصادية المتزايدة. لوسي سليب، صاحبة متجر المجوهرات “The Miner’s Emporium”، تعبر عن خيبة أملها من عدم تحقيق “العصر الذهبي لأمريكا” الذي وعد به ترامب. فبدلاً من الشراء، يميل المزيد من الناس إلى بيع مجوهراتهم إلى المتجر، وأصبح العملاء نادرين. “بدون الأعمال التجارية، فهو ميت”، تقول سليب، معبرة عن قلقها بشأن مستقبل وسط المدينة.
نظرة متفائلة أم واقع مرير؟
على الرغم من التحديات، لا يزال البعض في روكي ماونت متفائلين بشأن المستقبل. تتطلع سليب إلى العام المقبل، معتقدة أن سياسات ترامب الاقتصادية، بما في ذلك التخفيضات الضريبية، ستحدث فرقًا ملحوظًا في تكلفة المعيشة. ومع ذلك، يرى آخرون أن الوضع لا يزال غير واضح. شيفا مرين، مهندس في روكي ماونت، يقول إن وضع عائلته “لم يصبح أسوأ ولا أفضل”، بينما تعبر دايجا براينت عن خيبة أملها، مشيرة إلى أنها لا تزال تنتظر لمعرفة ما إذا كان الرئيس سيفي بالتزاماته.
الخلاصة:
تعكس حالة روكي ماونت، نورث كارولينا، التحديات الاقتصادية التي تواجهها العديد من المجتمعات الأمريكية. وبينما يسعى السياسيون إلى تقديم حلول، يظل الواقع معقدًا، وتتطلب معالجته جهودًا متضافرة لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة، ودعم الشركات الصغيرة، وخلق فرص عمل مستدامة. إن مستقبل روكي ماونت، مثل مستقبل العديد من المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد، يعتمد على قدرة القادة على الاستجابة لاحتياجات السكان وتوفير بيئة اقتصادية مواتية للنمو والازدهار. الوضع الاقتصادي يتطلب حلولاً مبتكرة وفعالة لضمان مستقبل أفضل للجميع. تكلفة المعيشة المرتفعة تضغط على الأسر، و الانتخابات النصفية القادمة قد تحدد مسار البلاد الاقتصادي.

