في تطور سياسي مثير، فشل البرلمان الكوسوفي في انتخاب حكومة جديدة يوم الأربعاء، مما يهدد بإجراء انتخابات مبكرة في كوسوفو. هذه الأزمة، التي استمرت لعدة أشهر، تلقي بظلالها على المشهد السياسي في الدولة الصغيرة الواقعة في منطقة البلقان، وتثير تساؤلات حول مستقبلها السياسي والاقتصادي. وتأتي هذه الأحداث في وقت تواجه فيه كوسوفو تحديات متعددة، بما في ذلك العلاقات المتوترة مع صربيا والوضع الاقتصادي الهش.
فشل تشكيل الحكومة الجديدة في كوسوفو: نظرة عامة
لم يحصل رئيس الوزراء المعين، جلاوك كونجوفكا، من حزب حركة تقرير المصير الحاكم، إلا على 56 صوتًا من أصل 120 عضوًا في البرلمان، وهو ما يقل عن الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة. يمثل هذا الفشل ضربة قوية لحزب حركة تقرير المصير، الذي فاز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التي جرت في فبراير الماضي، ولكنه لم يتمكن من حشد الدعم الكافي لتشكيل تحالف حاكم.
وبالتالي، سيتعين على الرئيسة فيوسا عثماني حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة في غضون 10 أيام. هذه هي المرة الأولى في تاريخ كوسوفو، منذ إعلان استقلالها عام 2008، التي لا تتمكن فيها من تشكيل حكومة.
أسباب الأزمة السياسية
تعود جذور هذه الأزمة إلى صعوبة تشكيل تحالفات سياسية مستقرة في كوسوفو. على الرغم من فوز حزب حركة تقرير المصير في الانتخابات، إلا أنه لم يتمكن من إقناع الأحزاب الأخرى بالانضمام إلى تحالف حكومي. بالإضافة إلى ذلك، واجه القائم بأعمال رئيس الوزراء ألبين كورتي انتقادات بسبب سياساته، خاصة فيما يتعلق بالحوار مع صربيا والعلاقات مع الحلفاء الغربيين.
ويرى البعض أن كورتي قد تبنى موقفًا متصلبًا في الحوار مع صربيا، مما أثار قلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما اتُهم بتقويض الحوار السياسي وتوتر العلاقات مع الشركاء الدوليين.
محاولات الحل الوسط وفشل التصويت
في محاولة لإيجاد حل للأزمة، تم اقتراح جلاوك كونجوفكا كحل وسط بدلاً من كورتي. ومع ذلك، لم ينجح كونجوفكا في حشد الدعم الكافي في البرلمان. وحث المشرعين على “تجنيب” كوسوفو إجراء تصويت آخر، محذرًا من أن إجراء انتخابات جديدة قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي.
وقال كونجوفكا: “إذا أجرينا (تصويتاً) واحداً في ديسمبر/كانون الأول، فمن يضمن أنه لن يكون لدينا تصويت آخر في مارس/آذار أيضاً؟”. لكن هذه الدعوات لم تجد صدى لدى النواب، وفشل التصويت على انتخابه.
تداعيات الأزمة على الاقتصاد الكوسوفي
تأتي هذه الأزمة في وقت يواجه فيه الاقتصاد الكوسوفي تحديات كبيرة. عدم الموافقة على ميزانية العام المقبل يثير مخاوف بشأن الآثار السلبية المحتملة على الاقتصاد الضعيف بالفعل في البلاد. ويعيش في كوسوفو حوالي مليوني نسمة، ويعاني الكثير منهم من الفقر والبطالة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي قد يؤثر سلبًا على الاستثمارات الأجنبية، مما يعيق النمو الاقتصادي. والاستقرار السياسي ضروري لجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.
مستقبل العلاقات مع صربيا والاتحاد الأوروبي
تعتبر العلاقات مع صربيا قضية حساسة في كوسوفو. فصربيا لا تعترف باستقلال كوسوفو، الذي اعترفت به واشنطن ومعظم دول الاتحاد الأوروبي. هذه العلاقات المتوترة تعيق مساعي كوسوفو للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر العلاقات مع صربيا أحد العوائق الرئيسية أمام تقدم كوسوفو نحو التكامل الأوروبي. ويتطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تطبيع العلاقات مع جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك صربيا.
ردود الفعل الدولية
أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما بشأن الأزمة السياسية في كوسوفو. وحثوا جميع الأطراف على العمل معًا لإيجاد حل سلمي وديمقراطي. كما أكدوا على أهمية الحوار بين كوسوفو وصربيا.
وتدعو الجهات الدولية إلى الحوار بين بريشتينا وبلغراد كطريقة وحيدة لتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة.
الخلاصة
يمثل فشل تشكيل الحكومة الجديدة في كوسوفو تطورًا مقلقًا. يهدد هذا الفشل بإجراء انتخابات مبكرة، وإطالة أمد الأزمة السياسية، وتفاقم المشاكل الاقتصادية. من الضروري أن تعمل جميع الأطراف الكوسوفية معًا لإيجاد حل للأزمة، وضمان الاستقرار السياسي، وتحقيق التنمية المستدامة.
إن مستقبل كوسوفو يعتمد على قدرة قادتها على التغلب على الخلافات السياسية، وبناء توافق وطني، والعمل من أجل مصلحة البلاد. يجب على القادة الكوسوفيّين إعطاء الأولوية لمصالح شعبهم، والتركيز على بناء مستقبل أفضل لجميع المواطنين.

