تزايدت المخاوف مؤخرًا بشأن الحرب السيبرانية الروسية وتوسع نطاقها ليشمل أهدافًا لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالصراع في أوكرانيا. فقد كشف تحقيق حديث عن استهداف قراصنة يُعتقد أنهم يعملون لصالح المخابرات الروسية لشركة هندسية أمريكية، وهو ما يثير تساؤلات حول الاستراتيجيات الروسية المتصاعدة في الفضاء الرقمي. هذا الهجوم، وإن كان غير مُحدث للأضرار المباشرة، يمثل تحذيرًا من قدرة روسيا على استهداف مجموعة واسعة من الكيانات التي تقدم أي نوع من الدعم لأوكرانيا أو حلفائها.
هجوم يستهدف شركة أمريكية بسبب ارتباطها بأوكرانيا
وفقًا لشركة الأمن السيبراني الأمريكية Arctic Wolf، نفذ قراصنة معروفون باسم RomCom هجومًا على شركة هندسية أمريكية هذا الخريف. الدافع وراء هذا الهجوم يبدو أنه ارتباط الشركة ببلدية أمريكية لديها اتفاقية “مدن شقيقة” مع مدينة في أوكرانيا. وبالرغم من أن الشركة المستهدفة ليس لها أي علاقة مباشرة بالصراع العسكري، إلا أن RomCom استهدفت بشكل منهجي المؤسسات التي تقدم الدعم لأوكرانيا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
قال إسماعيل فالينزويلا، نائب رئيس المختبرات وأبحاث التهديدات والاستخبارات في Arctic Wolf: “إنهم يلاحقون بشكل روتيني المنظمات التي تدعم المؤسسات الأوكرانية بشكل مباشر، وتقدم الخدمات للبلديات الأوكرانية، وتساعد المنظمات المرتبطة بالمجتمع المدني الأوكراني أو الدفاع أو الوظائف الحكومية.” هذا التصريح يؤكد على اتساع نطاق الاستهداف الروسي، الذي يتجاوز الأهداف العسكرية والسياسية التقليدية ليشمل الشركات والمنظمات التي تقدم خدمات إنسانية أو اقتصادية.
الكشف المبكر عن الهجوم وتجنب الأضرار الجسيمة
لحسن الحظ، تمكنت Arctic Wolf من تحديد الهجوم في سبتمبر قبل أن يتمكن القراصنة من تعطيل عمليات الشركة الهندسية أو الانتشار إلى أنظمة أخرى. هذا الكشف المبكر ساهم في احتواء الضرر ومنع وقوع تداعيات أوسع. ومع ذلك، فإن هذا الحادث يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى تعزيز الأمن السيبراني في جميع القطاعات، خاصة تلك التي قد تكون مرتبطة بشكل غير مباشر بالصراع في أوكرانيا.
تحذيرات متزايدة من نشاط القرصنة الروسي
هذا الهجوم ليس حادثًا منعزلاً. فقد حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في وقت سابق من هذا العام من أن المتسللين المرتبطين بروسيا يسعون لاقتحام الشبكات الأمريكية بهدف تعطيل البنية التحتية الحيوية أو سرقة المعلومات الحساسة. وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأمريكية (CISA) أكدت هذا التحذير، مشيرة إلى أن المتسللين الروس لديهم دوافع متعددة، بما في ذلك تعطيل المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ومعاقبة الشركات التي تدعمها، وسرقة الأسرار العسكرية والتقنية.
بالإضافة إلى ذلك، كشف مختبر الأمن الرقمي في أوكرانيا وشركة SentinelOne عن حملة قرصنة واسعة النطاق استهدفت منظمات الإغاثة التي تدعم أوكرانيا، مثل الصليب الأحمر الدولي واليونيسف. استخدمت هذه الحملة رسائل بريد إلكتروني مزيفة تنتحل شخصية مسؤولين أوكرانيين لخداع المستخدمين وإصابة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ببرامج ضارة.
دوافع القرصنة الروسية: ما الذي تسعى إليه موسكو؟
تتعدد الدوافع السياسية للقرصنة الروسية، حيث تركز الهجمات على تحقيق أهداف مختلفة. تشمل هذه الأهداف:
- تعطيل المساعدات العسكرية: تهدف روسيا إلى إعاقة تدفق الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا، مما قد يؤثر على قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها.
- معاقبة الشركات الداعمة: تستهدف روسيا الشركات التي لها علاقات تجارية أو استثمارية مع أوكرانيا كوسيلة لمعاقبتها على دعمها للبلد.
- سرقة المعلومات: تسعى روسيا إلى سرقة الأسرار العسكرية والتقنية التي قد تمنحها ميزة استراتيجية في الصراع.
- التأثير على الرأي العام: قد تستخدم روسيا الهجمات السيبرانية لنشر معلومات مضللة أو التلاعب بالرأي العام في الدول الداعمة لأوكرانيا.
شبكة المدن الشقيقة كهدف محتمل
إن برنامج “المدن الشقيقة”، الذي يهدف إلى تعزيز التبادل الاجتماعي والاقتصادي بين المجتمعات المختلفة حول العالم، يبدو أنه أصبح هدفًا للقراصنة الروس. هناك العديد من المدن الأمريكية، بما في ذلك شيكاغو وبالتيمور وألباني ونيويورك وسينسيناتي، لديها علاقات شقيقة مع مجتمعات في أوكرانيا.
هذا يعني أن أي منظمة مرتبطة بهذه المدن، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، قد تكون عرضة للهجمات السيبرانية. ويشير هذا إلى أن تهديدات الأمن السيبراني تتجاوز الحدود الجيوسياسية التقليدية وتطال الكيانات التي تشارك في التعاون الدولي.
في الختام، يشكل الهجوم على الشركة الهندسية الأمريكية مجرد مثال واحد على تزايد نشاط الحرب السيبرانية الروسية وتوسع نطاقها. من الضروري أن تظل الشركات والمؤسسات الحكومية في حالة تأهب وأن تتخذ خطوات استباقية لتعزيز دفاعاتها السيبرانية لحماية أنظمتها وبياناتها من التهديدات الروسية المتزايدة. يجب على الأفراد والمنظمات المشاركة في برنامج المدن الشقيقة أن يكونوا على دراية خاصة بالمخاطر المحتملة وأن يتبعوا أفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني.

