مع بدء شهر فبراير، يشهد أحد أشهر معالم روما، نافورة تريفي، تغييراً ملحوظاً. لم يعد مجرد رمي العملة المعدنية هو كل ما يتطلبه الأمر لالتقاط صورة سيلفي مثالية أمام هذه التحفة الفنية. فالسياح الراغبون في الاقتراب من النافورة خلال أوقات الذروة سيدفعون الآن رسوماً رمزية قدرها 2 يورو. هذا التغيير يهدف إلى إدارة التدفق السياحي المتزايد والحفاظ على هذا التراث الثقافي العريق، ويشكل جزءاً من جهود أوسع لمدينة روما للتعامل مع السياحة في روما.
رسوم جديدة لزيارة نافورة تريفي: ما الذي تغير؟
اعتباراً من الأول من فبراير، تفرض مدينة روما رسماً بقيمة 2 يورو (حوالي 2.35 دولار أمريكي) على السياح الذين يرغبون في الاقتراب من نافورة تريفي خلال ساعات النهار المزدحمة. هذا الإجراء ليس مجرد وسيلة لجمع الأموال، بل هو خطوة مدروسة لإدارة أعداد الزوار الهائلة التي تشهدها المنطقة، وتحسين تجربة الزيارة للجميع. النافورة، التي اشتهرت بفيلم “La Dolce Vita” للمخرج فيديريكو فيليني، تظل متاحة للجمهور مجاناً من الساحة المجاورة.
أهداف الرسوم الجديدة
تهدف هذه الرسوم إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية. أولاً، تخفيف الازدحام الشديد حول النافورة، خاصة خلال فترات الذروة. ثانياً، توفير التمويل اللازم لصيانة هذا المعلم التاريخي والحفاظ عليه للأجيال القادمة. وتقدر السلطات أن هذه الرسوم يمكن أن تدر على المدينة حوالي 6.5 مليون يورو إضافية سنوياً. ثالثاً، تحسين تجربة الزيارة بشكل عام، من خلال تنظيم حركة الزوار وتوفير مساحة أكبر للاستمتاع بجمال النافورة.
خطى مماثلة في روما والبندقية: نحو إدارة مستدامة للسياحة
هذه الخطوة ليست منعزلة، بل تأتي في سياق اتجاه أوسع نحو إدارة أكثر استدامة للسياحة في إيطاليا. فقد سبق لمدينة البندقية أن طبقت ضريبة مماثلة على الزوار النهاريين في محاولة للتخفيف من مشكلة السياحة المفرطة وحماية نمط حياة السكان المحليين.
استثناءات للرسوم
كما هو الحال في البندقية، تم إعفاء سكان مدينة روما من هذه الرسوم. بالإضافة إلى ذلك، يتم تطبيق رسوم تذاكر جديدة بقيمة 5 يورو على بعض المتاحف في المدينة، بالتزامن مع خطة لتوسيع عدد المتاحف المجانية للمقيمين الرومانيين المسجلين. يؤكد عمدة روما روبرتو جوالتيري على أن “الثقافة هي حق أساسي للمواطنة”، وأن المدينة تسعى إلى ضمان وصول الجميع إلى التراث الثقافي.
تنظيم الزيارات وتجربة ناجحة
لم يكن هذا القرار مفاجئاً، فقد خضعت الفكرة للنقاش والمراجعة لأكثر من عام. وقد أظهرت تجربة سابقة استمرت لمدة عام نتائج إيجابية، حيث تم تنظيم الزيارات وتقليل الازدحام من خلال تطبيق نظام طابور ودخول وخروج محددين. حتى الآن هذا العام، انتظر حوالي 9 ملايين شخص في الطابور للوصول إلى حافة حوض النافورة، مع ما يصل إلى 70 ألف زائر في بعض الأيام.
طرق الدفع والحصول على التذاكر
يمكن للزوار دفع الرسوم مسبقاً عبر الإنترنت، أو أثناء الانتظار في الطابور، أو عن طريق شراء التذاكر من المواقع السياحية المنتشرة في جميع أنحاء المدينة. وبعد حلول الظلام، يصبح الوصول إلى النافورة مجانياً ومتاحاً للجميع. هذا النظام يهدف إلى توفير تجربة أكثر تنظيماً وممتعة للزوار، مع ضمان الحفاظ على هذا المعلم التاريخي. الهدف هو تحقيق التوازن بين تجربة السائح في روما والحفاظ على التراث الثقافي.
تاريخ نافورة تريفي: تحفة فنية عريقة
تعود قصة نافورة تريفي إلى عام 1640، عندما أمر البابا أوربان الثامن ببنائها. ولكن التصميم الحالي للنافورة يعود إلى عام 1730، عندما قام البابا كليمنت الثاني عشر بإعادة إحيائها وفقاً لتصاميم المهندس المعماري الروماني نيكولا سالفي. تتميز النافورة الشاهقة بإله تيتان وتحيط بها شلالات تتدفق أسفل صخور الحجر الجيري إلى حوض سباحة فيروزي ضحل. لقد كانت هذه النافورة مسرحاً لمشاهد لا تُنسى في فيلم “La Dolce Vita”، ولا تزال تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
أسطورة العملة المعدنية: عودة مضمونة إلى روما
لا تزال أسطورة رمي العملة المعدنية في نافورة تريفي حية حتى اليوم. يقول الزوار إن رمي عملة معدنية على أكتافهم مع تمني أمنية يضمن عودتهم إلى روما في المستقبل. على الرغم من أن الاستحمام في النافورة محظور الآن، إلا أن سحرها وجمالها لا يزالان يأسران القلوب.
في الختام، تمثل رسوم الدخول الجديدة إلى نافورة تريفي خطوة مهمة نحو إدارة مستدامة للسياحة في روما. تهدف هذه الخطوة إلى الحفاظ على هذا التراث الثقافي العريق وتحسين تجربة الزيارة للجميع. سواء كنت سائحاً يخطط لزيارة روما أو مقيماً محلياً، فإن نافورة تريفي ستظل دائماً رمزاً لجمال المدينة وسحرها. لا تتردد في مشاركة تجربتك مع نافورة تريفي في التعليقات أدناه!

