كييف تتعرض لقصف روسي بالصواريخ والطائرات المسيرة عشية لقاء زيلينسكي وترامب
شهدت العاصمة الأوكرانية كييف، يوم السبت، هجمات صاروخية وطائرات مسيرة روسية مكثفة، أسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة 27 آخرين، وذلك في يوم سابق للقاء المرتقب بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. تأتي هذه الهجمات في توقيت حرج، بينما يسعى زيلينسكي للحصول على دعم أمريكي إضافي في مواجهة العملية العسكرية الروسية المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات. وتُظهر هذه التصعيدات مدى تعقيد الوضع على الأرض، وتأثيره على الجهود الدبلوماسية الجارية.
هجوم روسي واسع النطاق على كييف والبنية التحتية الأوكرانية
بدأت الهجمات في الصباح الباكر واستمرت لساعات، حيث دوّت الانفجارات في أنحاء كييف والمناطق المحيطة بها. واستخدمت القوات الروسية في هجومها “أسلحة موجهة بعيدة المدى بدقة من البر والجو والبحر”، بما في ذلك صواريخ كينجال الجوية الباليستية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، بالإضافة إلى طائرات مسيرة. استهدفت هذه الهجمات بشكل أساسي منشآت البنية التحتية للطاقة والمؤسسات الصناعية العسكرية، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية.
ومع ذلك، لم تسلم المباني السكنية من القصف، مما أدى إلى إصابات في صفوف المدنيين وأضرار مادية كبيرة. وقد أعلنت السلطات عن تضرر أكثر من 10 مبانٍ سكنية، واندلاع حرائق في عدة مناطق، بما في ذلك منطقة دنيبرو حيث احترق رجل حتى الموت، وفقًا لشهود عيان. كما أصابت الضربات المباني الصناعية والسكنية في منطقة كييف الأوسع، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي والتدفئة في بعض المناطق.
تصريحات زيلينسكي وكارني: رد فعل على الهجوم وتأكيد الدعم
أدان الرئيس زيلينسكي الهجوم بشدة، واصفًا إياه بأنه “رد روسيا على جهودنا للسلام”. وأكد أن الهجوم يوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لا يريد السلام”، وأن روسيا تسعى إلى زيادة الضغط على أوكرانيا قبل محادثاته مع الرئيس ترامب.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني عن تعازيه في ضحايا الهجوم، وأكد على أهمية استمرار الدعم لأوكرانيا. وأعلن عن تقديم مساعدات اقتصادية بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي، تهدف إلى مساعدة أوكرانيا في الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية. وقال كارني: “الهمجية التي شهدناها بين عشية وضحاها، الهجوم على كييف، تظهر مدى أهمية وقوفنا إلى جانب أوكرانيا خلال هذا الوقت العصيب.”
اجتماع زيلينسكي وترامب: الضمانات الأمنية والقضايا الإقليمية على الأجندة
يستعد الرئيس زيلينسكي للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فلوريدا يوم الأحد، لمناقشة سبل إنهاء الحرب المستمرة. ومن المتوقع أن تركز المحادثات على عدة قضايا رئيسية، بما في ذلك الضمانات الأمنية لأوكرانيا، والقضايا الإقليمية المتعلقة بمناطق دونيتسك وزابوريزهيا.
يهدف زيلينسكي إلى الحصول على تعهدات أمريكية قوية بشأن تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، على غرار المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي، والتي تنص على أن الهجوم على دولة عضو يعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء. كما يرى زيلينسكي أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في التوصل إلى حل سلمي للصراع، من خلال الضغط على روسيا لإنهاء عدوانها.
مكاسب إقليمية روسية وتصعيد عسكري
في الوقت نفسه، أعلن الكرملين عن سيطرة القوات الروسية على مدينتي ميرنوهراد (ديميتروف) وهوليايبول في منطقتي دونيتسك وزابوريزهيا. لكن هيئة الأركان العامة الأوكرانية رفضت هذه الادعاءات، واصفًا إياها بـ “غير المدعومة بالحقائق”. وأكدت أن الوضع في هوليايبول لا يزال “صعبًا”، وأن العملية الدفاعية في المدينة مستمرة.
يأتي هذا التصعيد العسكري في سياق محاولة روسية لزيادة الضغط على أوكرانيا قبل محادثات زيلينسكي وترامب. وقد أصدر الكرملين مقطع فيديو للرئيس بوتين وهو يتلقى تقارير من كبار المسؤولين العسكريين، ويؤكد على عزمه على تحقيق جميع أهدافه في العملية العسكرية الخاصة، حتى لو تطلب ذلك استخدام القوة العسكرية.
حالة التأهب في بولندا وتصاعد التوترات الإقليمية
أثارت الهجمات الروسية على كييف حالة من التأهب في بولندا، حيث أرسلت القوات المسلحة البولندية طائرات مقاتلة وأغلقت مطاري لوبلين ورزيشوف بالقرب من الحدود مع أوكرانيا لعدة ساعات. وأكدت بولندا أنه لم يكن هناك أي انتهاك للمجال الجوي البولندي.
يعكس هذا التصرف البولندي القلق المتزايد بشأن التداعيات الإقليمية للحرب في أوكرانيا، واحتمال امتداد الصراع إلى دول أخرى. وتشهد المنطقة تصاعدًا في التوترات العسكرية والسياسية، مما يزيد من خطر حدوث مواجهة أوسع نطاقًا.
الخلاصة: مستقبل غامض وتحديات مستمرة
إن الهجوم الروسي على كييف عشية لقاء زيلينسكي وترامب يمثل تطورًا مقلقًا في سياق الحرب المستمرة في أوكرانيا. ويؤكد هذا الهجوم على مدى تعقيد الوضع على الأرض، والتحديات المستمرة التي تواجهها أوكرانيا في سعيها للدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها.
من الضروري أن يستمر المجتمع الدولي في تقديم الدعم لأوكرانيا، وأن يمارس الضغط على روسيا لإنهاء عدوانها والالتزام بالقانون الدولي. كما يجب على الأطراف المعنية استئناف المفاوضات الجادة بهدف التوصل إلى حل سلمي للصراع، يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. الوضع في أوكرانيا يتطلب مراقبة دقيقة وتحليلًا مستمرًا، خاصة مع اقتراب محادثات القمة التي قد تحدد مسار الصراع في المستقبل القريب. الدعم الدولي لأوكرانيا يظل حاسمًا، وكذلك البحث عن حلول دبلوماسية لضمان السلام. العملية العسكرية الروسية مستمرة في إحداث دمار ومعاناة، مما يستدعي جهودًا متضافرة لوقفها.

