في تطور يلقي بظلال من الشك حول معايير النزاهة الصحفية، أعلنت مجلة فانيتي فير عن انفصالها عن محررة الساحل الغربي، أوليفيا نوزي، وذلك على خلفية الجدل الدائر حول علاقتها بالسياسي روبرت إف كينيدي جونيور، والذي كان محورًا لتقرير أعدته نوزي سابقًا عندما كانت تعمل في مجلة نيويورك. هذه القضية أثارت نقاشًا واسعًا حول الأخلاقيات المهنية والحدود بين الصحفي ومصدره، وأصبحت حديث وسائل الإعلام والمراقبين.

أوليفيا نوزي وفانيتي فير: نهاية حقبة وسط اتهامات

الانفصال، الذي وصفه الطرفان بأنه “ودي ومتبادل”، يأتي في أعقاب مذكرات نوزي المثيرة للجدل، “American Canto”، والتي فجرت تفاصيل علاقتها المعقدة بكينيدي. ذكر البيان الصادر عن المجلة ونوزي أن هذا القرار يهدف إلى “مصلحة المجلة” وأن عقدها سينتهي في نهاية العام الحالي. تم تعيين نوزي في منصب محررة الساحل الغربي في سبتمبر الماضي، بعد فترة عمل بارزة في مجلة نيويورك، حيث اشتهرت بتقاريرها السياسية العميقة.

تفاقم الأزمة: اعترافات في المذكرات وردود فعل عنيفة

قبل عام، أُجبرت نوزي على مغادرة مجلة نيويورك بعد اكتشاف علاقة شخصية قوية مع كينيدي، الذي كان حينها مرشحًا رئاسيًا. لم تقتصر المشكلة على العلاقة نفسها، بل امتدت إلى الاتهامات الموجهة لنوزي بتقديم نصائح سياسية لكينيدي أثناء تغطيتها له، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات المهنة.

“American Canto” أضاف المزيد من الوقود إلى النيران، حيث أشرت نوزي إلى كينيدي بعبارة “السياسي” وإلى خطيبها السابق رايان ليزا بـ “الرجل الذي لم أتزوجه”. ما زاد الأمر تعقيدًا هو ردود فعل ليزا، الذي شن حملة مضادة من خلال منشورات على Substack، كشف فيها عن تفاصيل محرجة ومزعومة حول العلاقة بين نوزي وكينيدي.

صراع علني عبر وسائل الإعلام وخطوط حمراء تجاوزت

سرعان ما تصاعد الخلاف إلى العلن، حيث نشر ليزا رسائل نصية خاصة بين نوزي وكينيدي، والتي وصفها بأنها “بذيئة ومثيرة للاشمئزاز”. هذه المنشورات أثارت غضبًا واسعًا في أوساط الصحفيين، حيث تُعتبر سرية المصادر وحرمة التواصل بين الصحفي ومصادره من أهم المبادئ الأساسية في المهنة.

نوزي ردت على الاتهامات ووصفها بأنها “إباحية خيالية وانتقامية” في مقابلة تلفزيونية، مؤكدة أنها لم تتجاوز أبدًا الحدود المهنية. ولكن، الضرر كان قد وقع بالفعل، وأصبحت سمعة المجلة والمحررة مهددة.

“American Canto” : مذكرات باهتة وتداعيات مهنية

بعد أيام قليلة من نشر مذكراتها، أعلنت فانيتي فير عن قرار الانفصال مع نوزي. لم يحظ كتاب “American Canto” بالنجاح المتوقع، حيث احتل المرتبة 6094 فقط في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا على موقع Amazon.com.

نقد لاذع للمذكرات ورمزية فشل المشروع

انتقد النقاد الكتاب بشدة، ووصفوه بأنه “سطحي” و”يفتقر إلى العمق”، واعتبروه محاولة فاشلة لاستعادة السيطرة على الرواية. هذا الفشل عزز من الضغوط على مجلة فانيتي فير لاتخاذ موقف حازم بشأن قضية أوليفيا نوزي، الأمر الذي أدى في النهاية إلى الانفصال. ويبدو أن المجلة سعت إلى قطع علاقاتها بأي شيء قد يضر بسمعتها وتأثيرها في عالم الصحافة.

نوزي، من جهتها، كتبت عمودًا فرعيًا فكاهيًا بعنوان “إشارات إلى أن طرح كتابك قد انحرف عن مساره” في محاولة للتعامل مع الإحراج والضعف في موقفها. الأمر الذي اعتبره البعض دليلًا على أنها تدرك تمامًا حجم الكارثة التي حلت بمشروعها الأدبي وحياتها المهنية.

مستقبل أوليفيا نوزي والدروس المستفادة

هذه القضية تثير تساؤلات مهمة حول حدود العلاقة بين الصحفي والمصدر، وأهمية الحفاظ على النزاهة المهنية. يبدو أن الصحافة الاستقصائية والتغطية السياسية أصبحتا أكثر تعقيدًا في عصر تتداخل فيه العلاقات الشخصية مع المسائل العامة.

بالنسبة لأوليفيا نوزي، فإن مستقبلها المهني غير واضح. قد تجد صعوبة في الحصول على وظيفة في مؤسسة صحفية مرموقة بعد هذا الفشل الذريع، ولكنها قد تلجأ إلى العمل الحر أو الكتابة المستقلة.

أما بالنسبة لمجلة فانيتي فير، فستحتاج إلى العمل بجد لاستعادة ثقة جمهورها والمحافظة على مكانتها كواحدة من أهم المجلات في العالم. هذه القضية ستظل تذكرنا بأهمية الالتزام بأخلاقيات المهنة وضرورة وضع حدود واضحة بين الصحافة والشخصية. النزاهة الصحفية ليست مجرد شعار، بل هي أساس الثقة بين الصحفي والجمهور.

شاركها.
Exit mobile version