في قلب الولايات المتحدة، بعيدًا عن صخب المدن الكبرى، تكمن شبكة قوية من التكاتف المجتمعي والتعاون الإنساني. هذا الشعور بالانتماء، الذي تحتفي به الشيف والكاتبة التلفزيونية ليديا باستيانيتش، هو محور برنامجها الجديد “ليديا تحتفل بأمريكا: أمة من الجيران”. تسلط باستيانيتش الضوء في هذا البرنامج على مبادرات محلية ملهمة وأفراد استثنائيين يجسدون روح العطاء والتآزر، وتدعو إلى تعزيز هذه القيم في مجتمعنا.
ليديا باستيانيتش واستعادة روح الجيرة
نشأت ليديا باستيانيتش في بلدة إيطالية صغيرة، حيث كانت الجيرة تعني العائلة الممتدة. كانت الأمهات يتبادلن الطعام والرعاية، وكانت المشاكل تُحلّ بالتعاون بين الجيران. تتذكر باستيانيتش كيف كانت جدتها تصنع طعام الغداء بكمية إضافية لإرسالها إلى جارتها العمياء، برفقة كأس من النبيذ كنوع من الكرم والتقدير. هذا الإحساس القوي بالمجتمع هو ما تسعى باستيانيتش إلى إحيائه في أمريكا، مؤمنةً بأن هذه الروح موجودة بالفعل ولكنها تحتاج إلى تعزيز وتنمية.
“إنها موجودة في أمريكا في حالات أصغر، ولكننا بحاجة إلى تعزيز ذلك أكثر من أي وقت مضى” هكذا ترى باستيانيتش. تؤمن بأن الولايات المتحدة، على الرغم من التحديات التي تواجهها، لا تزال أرض الفرص والخير، وأن الأمريكيين لديهم قدرة هائلة على التعاون والعطاء.
رحلة عبر أمريكا: قصص ملهمة من التكافل
يقوم برنامج “ليديا تحتفل بأمريكا: أمة من الجيران” بتصوير هذه الروح المجتمعية من خلال زيارات إلى عدة مدن أمريكية، وتقديم قصص مؤثرة لأشخاص ومجموعات يعملون بجد لمساعدة بعضهم البعض.
تتضمن رحلة باستيانيتش محطات مؤثرة مثل:
- ألتادينا، كاليفورنيا: حيث انضمت إلى متطوعين يقومون بإعداد وجبات طعام للضحايا المتضررين من حرائق الغابات المدمرة.
- دنفر، كولورادو: حيث زارت مطعم “SAME” الفريد، والذي يتيح للزبائن دفع ثمن وجباتهم بالمال أو بالمنتجات أو بالوقت الذي يقضونه في التطوع.
- بورتلاند، أوريغون: حيث تعرفت على مركز مجتمعي ياباني أمريكي يقدم الدعم والرعاية لكبار السن والعائلات.
- سان فرانسيسكو، كاليفورنيا: حيث قامت بزيارة أول سوبر ماركت مجاني مدعوم من الحكومة، والذي يوفر الغذاء للمحتاجين بكرامة واحترام.
مبادرات مجتمعية تُعيد الأمل
أثناء زيارتها، اكتشفت باستيانيتش نماذج رائعة من العمل الخيري والتطوعي. التقت بالطاهي كيكي راف، الذي يقدم وصفات سهلة واقتصادية عبر TikTok لمساعدة العائلات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. وتأثرت بروح العطاء التي رأتها في المتطوعين بإلتادينا، الذين رغم معاناتهم الشخصية، لم يدخروا جهدًا في مساعدة الآخرين.
هذه القصص كلها تؤكد على فكرة أساسية: التكاتف المجتمعي يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الناس. إنه يمنح الأمل، ويعيد الثقة، ويذكرنا بقيمة الإنسانية.
“افعل شيئًا من أجل جارك”: دعوة إلى العمل
تدعو باستيانيتش المشاهدين إلى تبني هذه الروح المجتمعية في حياتهم اليومية. لا يشترط الأمر التبرع بمبالغ كبيرة أو القيام بأعمال بطولية. يمكن أن يكون الأمر بسيطًا مثل مساعدة الجار، أو تقديم وجبة طعام لشخص محتاج، أو التطوع ببعض الوقت في مؤسسة خيرية محلية.
“ليس عليك أن تعطي شيكات كبيرة أو أي شيء. افعل شيئًا من أجل جارك” تقول باستيانيتش بحماس. تؤمن بأن كل لفتة صغيرة من اللطف يمكن أن تحدث فرقًا، وأن هذه اللفتات مجتمعة يمكن أن تخلق مجتمعًا أكثر تماسكًا وتعاونًا.
ليديا تحتفل بأمريكا: رسالة في عالم متغير
برنامج “ليديا تحتفل بأمريكا: أمة من الجيران” ليس مجرد برنامج تلفزيوني، بل هو رسالة أمل وإيجابية في عالم يشهد الكثير من الانقسامات والتحديات. إنه تذكير بأننا جميعًا متصلون ببعضنا البعض، وأننا جميعًا مسؤولون عن بناء مجتمعات أفضل. يهدف البرنامج إلى إلهام المشاهدين ليصبحوا جزءًا من هذا الجهد، وأن يساهموا في نشر روح الجيرة والتآزر في مجتمعاتهم.
يبدأ عرض هذا البرنامج الملهم في 25 نوفمبر على قناة PBS، ويمكن مشاهدته أيضًا عبر موقعه الإلكتروني PBS.org. إنه دعوة لجميع الأمريكيين للاحتفاء بقيمهم المشتركة، وإعادة اكتشاف قوة التكاتف المجتمعي، والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل للجميع.

