تستمر التقلبات في أسواق الأسهم العالمية، وتحديداً في وول ستريت، حيث شهدت الأسهم الأمريكية تراجعاً مفاجئاً يوم الخميس، بعد أن كانت قد حققت مكاسب قوية في الصباح. يعكس هذا التذبذب حالة من عدم اليقين والترقب تسود الأسواق، خاصةً في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وأسعار الفائدة. وبعد ارتفاعها في بداية التداول نحو ما بدا وكأنه أفضل أداء يومي منذ شهر مايو، تراجعت الأسهم بشكل ملحوظ، مما أثار قلق المستثمرين.

تراجع حاد في وول ستريت: نظرة عامة

شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفاضاً بنسبة 1.6%، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 1.9% في وقت سابق. كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 386 نقطة، أي بنسبة 0.8%، بينما هبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.2%. وساهم في هذا التراجع بشكل كبير بيع الأسهم من قبل أولئك الذين حققوا مكاسب كبيرة في الآونة الأخيرة، خوفاً من فقدان المزيد من الأرباح.

تأثرت الأسهم التكنولوجية بشكل خاص، بما في ذلك شركة نفيديا الرائدة، بالإضافة إلى العملات المشفرة. انخفضت قيمة عملة البيتكوين إلى ما دون 87000 دولار، بعد أن كانت قد لامست مستويات 125000 دولار في الشهر الماضي. يشير هذا الانخفاض إلى تزايد المخاوف بشأن تقييمات هذه الأصول المرتفعة.

مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على السوق

تعتبر أسهم الذكاء الاصطناعي من أبرز المحركات لارتفاع السوق في الأشهر الأخيرة، ولكن هناك قلق متزايد من أنها قد تكون في حالة “فقاعة”. على الرغم من أن نفيديا أعلنت عن أرباح قوية وتوقعات إيجابية، إلا أن المستثمرين يتساءلون عما إذا كان هذا النمو المستدام أم لا.

تكمن المشكلة في أن الكثير من الاستثمار يتدفق على شركات الذكاء الاصطناعي، بينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاستثمارات ستترجم إلى أرباح حقيقية وزيادة في الإنتاجية الاقتصادية. أظهر استطلاع حديث لمصرف أوف أمريكا أن نسبة قياسية من المستثمرين يعتقدون أن الشركات تبالغ في الاستثمار في هذا المجال. بالمقرنة، شاهدنا تراجعًا مشابهًا في أسهم أمازون، التي تحولت من مكاسب مبكرة إلى خسائر، وشركة Palantir Technologies، حيث تأرجحت الأسهم بين الارتفاع والانخفاض بشكل ملحوظ.

أسعار الفائدة والقرارات المحتملة للاحتياطي الفيدرالي

بالإضافة إلى المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي، يراقب المستثمرون عن كثب تطورات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. ويعتبر قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة من العوامل الحاسمة التي تؤثر على أداء سوق الأسهم.

جاء تقرير الوظائف الصادر عن الحكومة الأمريكية يوم الخميس مختلطًا، حيث أظهر زيادة في التوظيف، مما يشير إلى قوة الاقتصاد، ولكنه أشار أيضًا إلى ارتفاع طفيف في معدل البطالة. هذا التقرير يعطي الاحتياطي الفيدرالي سبباً لخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في ديسمبر، ولكنه لا يزال غير مؤكد.

يرى المتداولون حاليًا أن هناك فرصة بنسبة 40% لخفض سعر الفائدة في ديسمبر، مقارنة بـ 30% في اليوم السابق. ويعود ذلك إلى أن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى ارتفاع معدل التضخم، وهو ما يحرص الاحتياطي الفيدرالي على تجنبه.

أداء الشركات الأخرى وتطورات السوق

لم يكن أداء جميع الشركات سلبياً. حققت شركة وول مارت مكاسب كبيرة، حيث ارتفع سهمها بنسبة 6.5% بعد إعلانها عن نتائج مالية قوية. يعكس هذا الأداء قدرة وول مارت على جذب المستهلكين الذين يعانون من ضائقة مالية والذين يبحثون عن أسعار معقولة.

في المقابل، تراجعت شركات العملات المشفرة بشكل حاد، حيث انخفض سعر البيتكوين إلى أدنى مستوى له منذ شهر أبريل. وانخفضت أسهم Robinhood Markets و Coinbase Global بنسب كبيرة.

في نهاية التداول، انخفض مؤشر S&P 500 بمقدار 103.40 نقطة إلى 6538.76، وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 386.51 نقطة إلى 45752.26، وانخفض مؤشر ناسداك المركب 486.18 نقطة إلى 22078.05. في سوق السندات، انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.09%.

الخلاصة والتوقعات المستقبلية

يشهد سوق الأسهم العالمي، وخاصةً وول ستريت، حالة من التقلبات والترقب، مدفوعة بالمخاوف بشأن فقاعة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتطورات أسعار الفائدة. على الرغم من أن بعض الشركات مثل وول مارت تحقق أداءً جيدًا، إلا أن الأسواق لا تزال حساسة لأي أخبار سلبية. من المرجح أن يستمر هذا التذبذب في المدى القصير، حيث ينتظر المستثمرون المزيد من الإشارات حول اتجاه الاقتصاد وقرارات البنك المركزي.

من الضروري مراقبة هذه التطورات عن كثب واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. نظراً للإرتفاع المتزايد في الأسهم التكنولوجية, يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين وأن يضعوا في اعتبارهم المخاطر المحتملة.

شاركها.
Exit mobile version