إدارة الضمان الاجتماعي الأمريكية تهدف إلى تقليل الزيارات الميدانية إلى النصف، مما يثير مخاوف بشأن الوصول إلى الخدمات
تواجه إدارة الضمان الاجتماعي الأمريكية (SSA) ضغوطًا متزايدة لتبسيط عملياتها وتقليل التكاليف. كجزء من هذه الجهود، كشفت الإدارة عن خطة طموحة لخفض عدد الزيارات إلى مكاتبها الميدانية بنسبة 50% بحلول السنة المالية 2026. هذه الخطوة، التي تهدف إلى تشجيع المزيد من المواطنين على استخدام الخدمات عبر الإنترنت والهاتف، أثارت مخاوف واسعة النطاق بين الموظفين والمدافعين عن حقوق المستفيدين، الذين يرون في ذلك تهديدًا للوصول إلى الخدمات الأساسية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفًا. هذه الخطة تأتي في ظل حديث عن تسريح عدد كبير من موظفي الضمان الاجتماعي، مما يزيد من حدة القلق حول جودة الخدمة المقدمة.
خطة تقليل الزيارات الميدانية: تفاصيل وأهداف
تهدف خطة إدارة الضمان الاجتماعي إلى تقليل الزيارات الميدانية من حوالي 31.6 مليون زيارة في السنة المالية 2025 إلى 15 مليون زيارة فقط بحلول السنة المالية 2026. تعتمد هذه الخطة بشكل كبير على التوسع في الخدمات الرقمية، مثل إنشاء حسابات عبر الإنترنت وتقديم الطلبات إلكترونيًا. ويرى المسؤولون أن هذا التحول الرقمي سيجعل الحصول على الخدمات أكثر سهولة وكفاءة للمواطنين، وسيقلل من الازدحام في المكاتب الميدانية.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الإدارة إلى تحسين عملية جدولة المواعيد، بحيث يتمكن جميع المتقدمين للحصول على الخدمات المطلوبة من الحصول على موعد خلال 30 يومًا، مقارنة بالمعدل الحالي البالغ 78.3%. هذا التحسين يهدف إلى تقليل أوقات الانتظار وتحسين رضا المستفيدين.
مخاوف بشأن الوصول إلى الخدمات والفئات الضعيفة
على الرغم من مزايا التحول الرقمي، يعرب الكثيرون عن قلقهم بشأن تأثير هذه الخطة على الفئات التي تعاني من صعوبات في الوصول إلى التكنولوجيا أو استخدامها. يرى خبراء أن كبار السن، والأشخاص ذوي الدخل المحدود، والمجتمعات الريفية، والأفراد الذين لا يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة، قد يواجهون صعوبات كبيرة في التعامل مع الخدمات عبر الإنترنت، مما قد يؤدي إلى استبعادهم من الحصول على استحقاقاتهم.
جيسيكا لابوينت، القائدة النقابية لاتحاد الموظفين الحكوميين الأمريكيين (AFGE)، أكدت أن المكاتب الميدانية تلعب دورًا حيويًا في خدمة المجتمعات، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون الموارد اللازمة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة. وأضافت أن إدارة الضمان الاجتماعي تسعى إلى “استبدال القوى العاملة المدربة جيدًا بالذكاء الاصطناعي والإنترنت”، وهو الأمر الذي يثير قلقًا بالغًا بشأن جودة الخدمة المقدمة.
تسريح الموظفين والإغلاقات: واقع يفاقم المشكلة
لا تأتي خطة تقليل الزيارات الميدانية في فراغ. فقد شهدت إدارة الضمان الاجتماعي تسريحًا لـ 7000 موظف هذا العام، في إطار جهود إدارة ترامب لتبسيط عمليات الوكالة وخفض التكاليف. وقد أدى هذا النقص في الموظفين إلى إغلاق العديد من المكاتب الميدانية في المناطق الريفية، مما زاد من صعوبة الوصول إلى الخدمات بالنسبة للمواطنين في هذه المناطق.
وفي مارس الماضي، اضطرت إدارة الضمان الاجتماعي إلى التراجع جزئيًا عن خطة كانت ستتطلب من جميع المستفيدين الجدد والحاليين غير القادرين على استخدام البوابة الإلكترونية التوجه إلى مكتب ميداني للتحقق من هويتهم. ورغم هذا التراجع، لا يزال القلق قائمًا بشأن مستقبل المكاتب الميدانية والخدمات التي تقدمها.
صعوبات التحقق من الهوية الرقمي واستمرار الحاجة إلى التواصل المباشر
أحد العوائق الرئيسية أمام التحول الرقمي هو صعوبة التحقق من الهوية عبر الإنترنت من خلال منصة login.gov. يشير كريس ديلاني، المتخصص في مطالبات الضمان الاجتماعي، إلى أن العديد من الأشخاص يواجهون صعوبة في إنشاء حسابات عبر الإنترنت، حتى لو كانوا يمتلكون هواتفًا محمولة. وأكد أن وجود موظفين في المكاتب الميدانية قادرين على تقديم المساعدة الشخصية أمر ضروري للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، يشير ديلاني إلى أن مكتبه في هدسون يشهد زيادة في عدد الزوار، خاصة مع تزايد شيخوخة السكان الذين يعتمدون على دخل الضمان الاجتماعي. ويستقبل المكتب ما يقرب من 30 إلى 60 زائرًا يوميًا لديهم أسئلة واستفسارات حول استحقاقاتهم.
تحديات قانونية وتساؤلات حول الشفافية
واجهت إدارة الضمان الاجتماعي عدة دعاوى قضائية بشأن خطط إدارة ترامب لإصلاح الوكالة. وفي أكتوبر الماضي، رفعت مجموعة Democracy Forward دعوى قضائية لإجبار الإدارة على نشر سجلات عامة حول انقطاع الخدمة وتغييرات السياسة. ويعتقد الكثيرون أن هذه الدعاوى القضائية تعكس نقصًا في الشفافية وغيابًا للمناقشة العامة حول هذه الخطط.
وتأتي هذه التطورات في وقت يرى فيه ثلثا البالغين الأمريكيين أن البلاد تنفق القليل جدًا على الضمان الاجتماعي، وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه مركز NORC لأبحاث الشؤون العامة. وهذا يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها المواطنون لبرنامج الضمان الاجتماعي ودور الإدارة في ضمان استمراريته وفعاليته.
الخلاصة:
إن خطة إدارة الضمان الاجتماعي لتقليل الزيارات الميدانية إلى النصف هي خطوة جريئة تهدف إلى تبسيط العمليات وخفض التكاليف. ومع ذلك، يجب أن يتم تنفيذ هذه الخطة بحذر شديد، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الفئات الضعيفة وضمان استمرار الوصول إلى الخدمات الأساسية. من الضروري أيضًا أن تكون الإدارة شفافة في تعاملها مع هذه القضية وأن تشارك في حوار مفتوح مع الموظفين والمستفيدين وأصحاب المصلحة الآخرين. الضمان الاجتماعي هو حق أساسي للمواطنين، ويجب على الإدارة أن تفعل كل ما في وسعها لحمايته وتعزيزه. التركيز على الخدمات الرقمية يجب ألا يكون على حساب جودة الخدمة المقدمة للمواطنين.


