استقرت الأسواق المالية الأمريكية يوم الثلاثاء، في مشهد يعكس حالة من الترقب الحذر، بالتزامن مع استقرار عائدات السندات وتهدئة تقلبات البيتكوين. يأتي هذا بعد فترة شهدت تقلبات ملحوظة في الأسواق، مدفوعة بتوقعات حول مستقبل أسعار الفائدة والوضع الاقتصادي العام. شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.2%، بعد تسجيله أول خسارة له في ستة أيام، بينما أضاف مؤشر داو جونز الصناعي 185 نقطة، أي ما يعادل 0.4%، وارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.6%. هذه الاستقرار النسبي يعكس محاولات المستثمرين لتقييم الوضع الاقتصادي، خاصةً بعد البيانات المتباينة التي صدرت مؤخرًا.
أداء الشركات الرائدة وقيادة السوق
لعبت بعض الشركات دورًا محوريًا في دعم أداء السوق يوم الثلاثاء. تصدّر سهم شركة Boeing مكاسب الشركات، حيث ارتفع بنسبة ملحوظة بلغت 10.1%. يعود هذا الارتفاع إلى تصريحات جاي مالافي، المدير المالي للشركة، حول توقعات النمو في العام المقبل، مع التركيز على زيادة التدفقات النقدية.
بالإضافة إلى Boeing، ساهمت MongoDB في رفع معنويات السوق، حيث قفز السهم بنسبة 22.2% بعد أن تجاوزت نتائجها للربع الأخير توقعات المحللين. يُعزى هذا الأداء القوي إلى الطلب المتزايد على خدمات إدارة البيانات. كما ارتفع سهم شركة United Natural Foods بنسبة 4.6% بعد إعلانها عن أرباح قوية أيضًا.
ولكن لم يكن كل الأداء إيجابياً، فقد تراجع سهم Signet Jewellers بنسبة 6.8% بعد أن قدمت الشركة توقعات إيرادات أقل من المتوقع لموسم التسوق خلال العطلات. وأشار مديرو الشركة إلى توقعات “بيئة استهلاكية محسوبة”، مما يعكس قلقًا بشأن قوة الإنفاق الاستهلاكي.
تحذيرات حول قوة الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة
تصريحات من شركة Procter & Gamble، العملاق الاستهلاكي، أضافت إلى هذا القلق. أفاد أندريه شولتن، المدير المالي للشركة، بأن الوضع بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين “متقلب” بالرغم من بقائه ضمن توقعات الشركة، مما أدى إلى تراجع سهم Procter & Gamble بنسبة 1.1%. هذه التحذيرات تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تباطؤًا ملحوظًا في بعض القطاعات.
تباين الأوضاع الاقتصادية بين الفئات المختلفة
على الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي حافظ على مرونته بشكل عام، إلا أن هناك فجوة متزايدة بين الفئات المختلفة. الأسر ذات الدخل المنخفض تعاني بشكل خاص من استمرار التضخم، الذي لا يزال أعلى من المستويات المرغوبة. في المقابل، تستفيد الأسر الأكثر ثراءً من الأداء القوي لسوق الأوراق المالية، الذي بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق في أواخر أكتوبر. هذا التباين يثير تساؤلات حول مدى استدامة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
تطورات سوق السندات والبيتكوين
في سوق السندات، شهدت العائدات على سندات الخزانة استقرارًا بعد الارتفاعات التي شهدتها في اليوم السابق. انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.08%، بينما انخفض العائد على السندات لأجل عامين إلى 3.51%. يعتبر انخفاض العائدات إشارة إيجابية للأسواق، حيث يمكن أن يؤدي إلى خفض تكاليف الاقتراض وتحفيز النمو الاقتصادي.
أما بالنسبة للبيتكوين، فقد شهدت العملة الرقمية تعافيًا ملحوظًا بعد انخفاضها إلى ما دون 85000 دولار يوم الاثنين. ارتفعت قيمة البيتكوين لتتجاوز 91000 دولار، مما ساعد على تعزيز أسهم العديد من الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة. ارتفعت أسهم MicroStrategy بنسبة 5.8%، وارتفعت أسهم Coinbase Global بنسبة 1.3%، وارتفعت Robinhood Markets بنسبة 2.2%.
توقعات أسعار الفائدة والوضع الاقتصادي العالمي
لا يزال بنك اليابان يدرس رفع أسعار الفائدة قريبًا، وهو ما أثار بعض القلق في الأسواق العالمية. ومع ذلك، لا تزال التوقعات كبيرة بأن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي عندما يجتمع في واشنطن الأسبوع المقبل. لكن مستقبل قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال غير مؤكد، حيث أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، وهو ما يمثل تحديًا مستمرًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال حدوث إغلاق حكومي أمريكي يضيف إلى حالة عدم اليقين. أدى الإغلاق السابق إلى تأخير التقارير المتعلقة بسوق العمل ومجالات أخرى من الاقتصاد، مما يجعل من الصعب تقييم الوضع الاقتصادي بدقة.
نظرة عالمية على الأسواق
في الأسواق العالمية، تحركت المؤشرات بشكل متواضع في معظم أنحاء أوروبا وآسيا. كان مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية استثناءً، حيث قفز بنسبة 1.9%، مدفوعًا بالأداء القوي لأسهم التكنولوجيا، بما في ذلك Samsung Electronics و SK Hynix.
في الختام، شهدت الأسواق المالية الأمريكية استقرارًا نسبيًا يوم الثلاثاء، مدفوعة بأداء قوي لبعض الشركات الرائدة وتهدئة تقلبات البيتكوين وعائدات السندات. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك استمرار التضخم، والتباين في الأوضاع الاقتصادية بين الفئات المختلفة، واحتمال حدوث إغلاق حكومي. من الضروري متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية بشكل فعال. هل تعتقد أن هذا الاستقرار سيستمر؟ شارك برأيك في التعليقات!

