أفادت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) بمقتل ثلاثة أشخاص على الأقل في العاصمة الأوكرانية كييف وضواحيها، جراء هجمات روسية مكثفة بالطائرات بدون طيار والصواريخ في وقت مبكر من يوم السبت. يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي يتوجه فيه ممثلو أوكرانيا إلى الولايات المتحدة لمناقشة جهود إحياء عملية السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
تطورات ميدانية متزامنة مع مساعي دبلوماسية
تأتي هذه الهجمات بينما يبدو أن هناك زخمًا جديدًا في الجهود الدبلوماسية لحل النزاع. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر حسابه على منصة X، أكد سفر الوفد الأوكراني، بقيادة رئيس الأمن القومي رستم أوميروف، إلى واشنطن بهدف “العمل بسرعة وبشكل جوهري على الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب”. يُتوقع أن يتبع هذا التحرك، خلال النصف الثاني من الأسبوع المقبل، زيارة مماثلة لوفد أمريكي إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفقًا للإدارة العسكرية لمدينة كييف، سقط ضحيتان في الهجمات التي استهدفت العاصمة. وأشارت الشرطة الإقليمية إلى مقتل امرأة وإصابة ثمانية آخرين في هجوم صاروخي وطائرات بدون طيار على منطقة كييف الأوسع. عمدة المدينة، فيتالي كليتشكو، أعلن عن إصابة 29 شخصًا في كييف، وذكر أن الأضرار شملت مباني سكنية بسبب الحطام المتساقط من الطائرات المسيرة المعترضة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن الجزء الغربي من العاصمة.
خطة ترامب للسلام والتحركات الدبلوماسية المكثفة
تزامن هذا التصعيد مع الكشف عن خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنهاء الحرب الأوكرانية الروسية، التي أعلن عنها الأسبوع الماضي. تتكون الخطة من 28 بندًا، ولقيت استحسانًا كبيرًا من الجانب الروسي، مما دفع زيلينسكي إلى التواصل الفوري مع المسؤولين الأمريكيين. في المقابل، أعرب القادة الأوروبيون عن مخاوفهم بشأن مستقبلهم في ظل استمرار العدوان الروسي، وسعوا إلى ضمان إدراج مخاوفهم في أي اتفاق سلام محتمل.
ترامب أكد يوم الثلاثاء أن خطته قد تم “تعديلها بدقة”، وأعلن عن إرسال المبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى روسيا لمقابلة بوتين. ولم يستبعد الرئيس السابق احتمال لقائه بوتين وزيلينسكي شخصيًا، ولكنه شدد على ضرورة تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات أولاً.
اجتماع فلوريدا والتحضيرات التفاوضية
عقد مسؤولون من إدارة ترامب اجتماعات في فلوريدا مع نظرائهم الأوكرانيين، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر. جاء هذا الاجتماع في إطار الاستعدادات الجادة للمفاوضات المرتقبة، حيث يسعى الجانبان للوصول إلى رؤية مشتركة لإنهاء الصراع.
استقالات مفاجئة في الحكومة الأوكرانية وتداعياتها المحتملة
في تطور آخر، أعلن الرئيس زيلينسكي يوم الجمعة عن استقالة رئيس أركانه القوي أندري يرماك، الذي شغل منصب كبير المفاوضين في البلاد. وقعت هذه الاستقالة بعد مداهمة محققين مكافحة الفساد لمنزل يرماك، مما يشكل ضربة قوية للحكومة الأوكرانية. قد تؤثر هذه الخطوة سلبًا على الاستراتيجية التفاوضية لكييف، خاصةً في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة للتوقيع على اتفاق سلام.
من المقرر أن يتوجه زيلينسكي إلى باريس يوم الاثنين المقبل، لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأشار مكتب ماكرون إلى أن الزعيمين سيبحثان “الوضع الحالي وشروط السلام العادل والدائم”، استنادًا إلى مباحثات جنيف والخطة الأمريكية، وبالتنسيق الوثيق مع الشركاء الأوروبيين.
هجمات بطائرات مسيرة على البنية التحتية الروسية
في سياق متصل، أعلنت أوكرانيا عن تنفيذها هجومًا ناجحًا بطائرات مسيرة على محطة نفط رئيسية بالقرب من ميناء نوفوروسيسك في روسيا، مما أدى إلى إلحاق أضرار بإحدى نقاط الرسو الثلاث. أكد أندريه كوفالينكو، رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة في مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، مسؤولية بلاده عن الهجوم. وتهدف هذه الهجمات المتكررة إلى تقويض القدرة الاقتصادية الروسية من خلال استهداف عائدات تصدير النفط التي تعتمد عليها موسكو في تمويل الحرب.
استهداف ناقلات النفط في البحر الأسود
في الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن روسيا تسعى إلى تعطيل شبكة الكهرباء الأوكرانية وحرمان المدنيين من الخدمات الأساسية خلال فصل الشتاء. ويعتبرها المسؤولون الأوكرانيون بمثابة “تسليح” للبرد القارس. وقد أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني أن بلاده استخدمت طائرات مسيرة بحرية من طراز Sea Baby لضرب ناقلتي نفط في البحر الأسود، يُعتقد أنهما جزء من “أسطول الظل” الروسي الذي يستخدم للتهرب من العقوبات الدولية.
وتأتي هذه العمليات في إطار جهود أوكرانيا للحد من الموارد المالية الروسية المتاحة لتمويل الحرب، وتعطيل قدرة موسكو على التحايل على العقوبات الدولية.
خلاصة:
تشهد الحرب في أوكرانيا تطورات متسارعة على الصعيدين الميداني والدبلوماسي. في ظل استمرار الهجمات الروسية، تتجه الأنظار إلى المساعي الدبلوماسية التي يقودها الرئيس زيلينسكي، والتي تتضمن حوارًا مباشرًا مع الولايات المتحدة، وتنسيقًا وثيقًا مع الشركاء الأوروبيين. تبقى التحديات كبيرة، ولكن الآمال معلقة على إمكانية التوصل إلى حل سلمي ينهي هذا الصراع المدمر.


