في مشهد متزايد التوتر، يواصل طلاب الجامعات في صربيا جهودهم الحثيثة لجمع التوقيعات في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة في محاولة للإطاحة بالحكومة الحالية. يأتي هذا التحرك في ظل استياء شعبي متزايد من حكم الرئيس ألكسندر فوتشيتش، وتصاعد الاحتجاجات التي بدأت في نوفمبر 2024.

تصاعد المطالبات بانتخابات مبكرة في صربيا

أقام الطلاب ما يقرب من 500 منصة في عشرات المدن والبلدات والقرى الصربية، متحدين الطقس البارد، لجمع التوقيعات على طلب إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. هذا الإجراء، على الرغم من أنه ليس التماسًا رسميًا، يهدف إلى إظهار قوة الدعم الشعبي للمطالبة بالتغيير وممارسة ضغط إضافي على الرئيس فوتشيتش.

جذور الاحتجاجات: كارثة محطة القطار في نوفي ساد

بدأت شرارة الاحتجاجات في صربيا في نوفمبر 2024، بعد كارثة مأساوية في محطة القطار في مدينة نوفي ساد، والتي أودت بحياة 16 شخصًا. انهيار المظلة الخرسانية أثار غضبًا واسع النطاق، حيث اتهم المواطنون الحكومة بالفساد والتهاون في تطبيق قواعد البناء والسلامة. الأمر الأكثر إثارة للاستياء هو عدم تحميل أي شخص المسؤولية عن هذه المأساة، مما زاد من الشعور بالإحباط والظلم.

حركة احتجاجية يقودها الشباب

الشباب الصربي، وخاصة طلاب الجامعات، كانوا في طليعة الحركة الوطنية ضد حكم فوتشيتش الشعبوي. لقد قادوا احتجاجات الشوارع المستمرة لأكثر من عام، مما شكل تحديًا كبيرًا لفترة ولاية فوتشيتش التي استمرت 13 عامًا. استقالة رئيس الوزراء الصربي في يناير الماضي، تبعها حملة قمع ضد المتظاهرين من قبل فوتشيتش، أثارت انتقادات دولية واسعة.

سخط شعبي متزايد

على الرغم من انحسار الاحتجاجات في الشوارع، إلا أن السخط على حكومة فوتشيتش لا يزال منتشرًا على نطاق واسع. ميلكا كانكوفيتش كادييفيتش، وهي مقيمة في بلغراد، عبرت عن دعمها للطلاب، قائلة: “لدي رغبة في العيش الكريم – أنا وأولادي وأحفادي”. هذا التصريح يعكس الإحساس العام بالإحباط والرغبة في التغيير الذي يشعر به العديد من الصربيين.

موقف الحكومة والآفاق المستقبلية

رفض الرئيس فوتشيتش تحديد موعد لإجراء تصويت مبكر فوري، لكنه أشار إلى إمكانية إجراء انتخابات في وقت ما من العام المقبل. ومع ذلك، من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام 2027، مما يثير تساؤلات حول مدى استجابة الحكومة للمطالب الحالية.

إيجور دوجنوف، وهو طالب يحرس إحدى النقاط في وسط بلغراد، أكد على أهمية التواصل مع المواطنين، قائلاً: “لدينا منصات تعمل على التواصل مع المواطنين”. هذا التأكيد على الحوار والتواصل المباشر مع الشعب يمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجية الطلاب.

صربيا بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين

وعد فوتشيتش رسميًا بانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنه حافظ على علاقات وثيقة مع روسيا والصين. هذا التوازن الدقيق في السياسة الخارجية يثير تساؤلات حول التوجه المستقبلي لصربيا وعلاقاتها مع القوى العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه فوتشيتش اتهامات بتضييق الخناق على الحريات الديمقراطية والسماح للفساد والجريمة المنظمة بالازدهار، وهو ما ينفيه بشدة، متهماً المتظاهرين بمحاولة تنظيم “ثورة ملونة” بأوامر من الغرب.

“الثورة الملونة”: اتهامات مضادة

استخدم فوتشيتش مصطلح “الثورة الملونة” لوصف الاحتجاجات، وهو مصطلح يشير إلى سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية في بداية القرن الحادي والعشرين والتي أدت في بعض الأحيان إلى الإطاحة بالحكومات في دول الاتحاد السوفيتي السابق ويوغوسلافيا السابقة والشرق الأوسط وآسيا. هذا الاتهام يهدف إلى تشويه سمعة المتظاهرين وتصويرهم كأدوات في يد قوى خارجية. الوضع السياسي في صربيا يتسم بالتعقيد والتحديات، ويتطلب حوارًا بناءً وحلولًا مستدامة.

الخلاصة

إن جهود طلاب الجامعات لجمع التوقيعات للمطالبة بـ انتخابات مبكرة في صربيا تمثل لحظة حاسمة في تاريخ البلاد. في ظل استياء شعبي متزايد من حكم فوتشيتش، وتصاعد الاحتجاجات، يظل مستقبل صربيا غير مؤكد. من الضروري مراقبة التطورات القادمة، وفهم الديناميكيات السياسية المعقدة، والعمل على إيجاد حلول تضمن الديمقراطية والعدالة والازدهار لجميع الصربيين. ندعو القراء إلى متابعة آخر التطورات حول هذا الموضوع، والمشاركة في الحوار العام حول مستقبل صربيا. يمكنكم مشاركة هذا المقال مع أصدقائكم وعائلاتكم للمساهمة في نشر الوعي حول الأزمة السياسية في صربيا.

شاركها.
Exit mobile version