محادثات المناخ في بيليم: هل ينجح لولا في إحياء الزخم؟

وصل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى محادثات المناخ في بيليم، حاملاً معه أملاً في تحفيز الدول على الوفاء بتعهداتها والتقدم نحو حلول ملموسة للتحديات المناخية الملحة. لكن مع مرور الأيام، يبدو أن تحقيق هذا الزخم يواجه صعوبات جمة، وأن المفاوضات تسير بخطى أبطأ من المتوقع. في مؤتمر صحفي عقد في ختام يوم الأربعاء، تجنب الرئيس لولا تقديم أي تفاصيل حول سير المحادثات، مفضلاً إعادة التأكيد على دعواته السابقة للعمل الجاد والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، مؤكداً أن “لم نجد مكاناً آخر نعيش فيه”.

لولا يدعو إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري مع التأكيد على المرونة

يسعى لولا دا سيلفا، إلى جانب العديد من القادة العالميين، إلى وضع خارطة طريق واضحة للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، شدد الرئيس البرازيلي على أنه لا توجد نية في “فرض أي شيء على أي شخص”، بل يجب أن يتم هذا التحول بوتيرة تناسب كل دولة، مع توفير الدعم المالي اللازم لتحقيق ذلك. هذا النهج يعكس إدراكاً للواقع السياسي والاقتصادي المعقد، حيث تختلف القدرات والظروف من دولة إلى أخرى.

عودة لولا إلى محادثات المناخ، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أثارت بعض التفاؤل بإمكانية تسريع وتيرة العمل في إطار مؤتمر الأطراف (COP30). كانت البرازيل، بصفتها الدولة المضيفة، قد ضغطت من أجل إحراز تقدم في القضايا الرئيسية المطروحة، لكن من المعتاد أن تتأخر المفاوضات عن المواعيد النهائية المحددة.

القضايا العالقة: خطط مناخية أكثر صرامة وتمويل المناخ

تتركز الخلافات الرئيسية حول أربع قضايا مترابطة تم إدراجها مؤخراً في جدول الأعمال: ضرورة تشديد خطط المناخ الوطنية، وتفاصيل توزيع مبلغ 300 مليار دولار من المساعدات المناخية المتعهد بها، ومعالجة الحواجز التجارية التي تعيق جهود مكافحة تغير المناخ، وتحسين آليات الإبلاغ عن التقدم المحرز في هذا المجال.

وتطالب عشرات الدول، سواء كانت غنية أو فقيرة، بوضع خارطة طريق مفصلة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وهو ما يعتبره الكثيرون عنصراً حاسماً في تشديد الخطط المناخية وتقليل ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الذي تم تحديده في اتفاقية باريس عام 2015. هذا الهدف، الذي يمثل حجر الزاوية في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، يواجه تحديات متزايدة مع استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تحديات التنفيذ والتمويل

في عام 2023، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي في محادثات المناخ للدعوة إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي. لكن لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتفعيل هذا الاتفاق أو تحديد آليات تنفيذه. ولا تزال المظاهرات والاحتجاجات مستمرة داخل وخارج مكان انعقاد المؤتمر، مطالبة بإنهاء تدريجي لإنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري.

وقد انتقد عدد من العلماء المقترحات الحالية لخارطة طريق للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، معتبرين أنها غير كافية لتحقيق الهدف المنشود. وأكدوا على ضرورة وجود “خطة عمل حقيقية” تحدد المسار الواضح المطلوب للوصول إلى مستقبل منخفض الكربون.

صندوق الغابات الاستوائية وأهمية التعاون الدولي

بالإضافة إلى ذلك، يسعى الرئيس لولا إلى تعزيز جهود تمويل صندوق دولي جديد يهدف إلى مكافأة الدول على الحفاظ على غاباتها الاستوائية، من خلال تقديم الديون بفائدة بدلاً من التبرعات. هذا الإجراء يهدف إلى جعل الحفاظ على الغابات أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية، وبالتالي الحد من عمليات قطع الأشجار التي تساهم في تفاقم مشكلة تغير المناخ.

ويرى إسكندر إرزيني فيرنوا، مدير مبادرة إيمال للمناخ والتنمية، أن التوصل إلى تفاهم بين غوتيريش ولولا لن يكون سهلاً، خاصة في ظل عدم رغبة الاتحاد الأوروبي والدول الغنية الأخرى في الوفاء بالتزاماتها بتقديم التمويل المناخي اللازم للدول النامية.

ويركز المؤتمر أيضًا على أهمية التنفيذ، أي ترجمة الاتفاقيات والأهداف والتعهدات السابقة إلى أفعال ملموسة. وتشير التقارير إلى أن تحقيق الأهداف المتفق عليها في محادثات المناخ السابقة، مثل مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة وثلاثة أضعاف كفاءة استخدام الطاقة، يمكن أن يساهم في خفض معدل الاحتباس الحراري بشكل كبير.

خطة عمل شاملة نحو مستقبل مستدام

أطلق ممثلو الاتصال رفيعو المستوى بشأن المناخ أكثر من 110 خطة عمل مناخية جديدة، تهدف إلى تسريع جهود مكافحة تغير المناخ في مختلف القطاعات. ويشدد دان يوشبي، بطل المناخ في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، على أهمية ضمان تنفيذ هذه الخطط وتحقيق الأهداف المرجوة. ويرى أن الطيران والملاحة البحرية والزراعة هي من بين الصناعات الرئيسية التي يجب استهدافها من أجل تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.

في الختام، على الرغم من التحديات والصعوبات التي تواجهها محادثات المناخ في بيليم، إلا أن الجهود مستمرة لإيجاد حلول عملية وفعالة لمواجهة أزمة المناخ. يبقى التعاون الدولي والتزام الدول بتقديم الدعم المالي والتقني للدول النامية من العوامل الحاسمة في تحقيق النجاح. إن مستقبل كوكبنا يعتمد على قدرتنا على اتخاذ إجراءات جريئة وملموسة الآن.

شاركها.
Exit mobile version