الأسواق المالية العالمية شهدت تقلبات ملحوظة في بداية الأسبوع، مع تراجع الأسهم الأمريكية بالتزامن مع انخفاض سعر البيتكوين. يأتي هذا بعد أسبوع من المكاسب، مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. هذا التراجع يعكس حالة من الحذر في الأسواق، مع تزايد المخاوف بشأن التضخم وارتفاع عوائد السندات.
تراجع الأسهم الأمريكية والعملات المشفرة: نظرة عامة
شهدت الأسهم الأمريكية تراجعًا ملحوظًا يوم الاثنين، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 0.5%، منهيًا بذلك سلسلة مكاسب استمرت خمسة أيام. كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 427 نقطة، أو 0.9%، بينما تراجع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.4%. هذا الانخفاض يأتي في أعقاب ارتفاعات قوية شهدتها الأسواق في الأسبوع السابق، والتي كانت مدفوعة بشكل كبير بالآمال في أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.
بالتوازي مع تراجع الأسهم، شهدت العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، انخفاضًا حادًا. انخفض سعر البيتكوين إلى 85500 دولار، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 6% تقريبًا عن اليوم السابق، وبعيدًا عن حاجز الـ 125000 دولار الذي سجله في أكتوبر. هذا الانخفاض أثر سلبًا على الشركات العاملة في مجال العملات المشفرة.
تأثير ارتفاع عوائد السندات على الأسهم
يرتبط تراجع الأسهم بارتفاع عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل. عندما تقدم السندات عوائد أعلى، فإنها تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين، مما قد يدفعهم إلى بيع أسهمهم أو تقليل استثماراتهم في الأصول الأكثر خطورة مثل الاستثمارات الرقمية. هذا التحول في الاستثمارات يؤدي إلى زيادة الضغط على أسعار الأسهم، خاصة تلك التي تعتبر ذات تقييمات عالية.
علاوة على ذلك، ساهم ارتفاع عوائد السندات في التراجع العالمي لأسعار الأصول. وقد أثار تصريح لرئيس بنك اليابان بشأن احتمال رفع أسعار الفائدة هناك مخاوف مماثلة في الأسواق العالمية. هذا يشير إلى أن البنوك المركزية قد تبدأ في تشديد السياسات النقدية، مما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
الشركات المتأثرة: Coinbase و MicroStrategy
تأثر قطاع العملات المشفرة بشكل خاص بتراجع سعر البيتكوين. انخفض سهم Coinbase Global بنسبة 4.8%، بينما تراجع سهم Robinhood Markets بنسبة 4.1%. كما شهدت شركة MicroStrategy، التي غيرت اسمها إلى Strategy وتركز الآن بشكل أساسي على شراء البيتكوين، انخفاضًا في قيمتها بنسبة 3.3%.
الجدير بالذكر أن Strategy باعت أسهمًا وجمعت مبلغًا قدره 1.44 مليار دولار أمريكي، وليس بالبيتكوين، وذلك بهدف سداد أرباح الأسهم المفضلة والفوائد المستحقة على ديونها. هذا يشير إلى أن الشركة قد تكون بحاجة إلى سيولة إضافية في ظل تقلبات سوق العملات المشفرة.
أداء متباين في وول ستريت: Synopsys و Nvidia
على الرغم من التراجع العام، إلا أن بعض الأسهم حققت مكاسب. ارتفع سهم Synopsys بنسبة 4.9% بعد أن أعلنت Nvidia استثمار 2 مليار دولار في أسهمها كجزء من شراكة موسعة. كما تمكنت Nvidia، التي أصبحت الأسهم الأكثر تأثيرًا في وول ستريت، من التحول من خسارة مبكرة إلى مكاسب بنسبة 1.6%.
موسم التسوق وتباين ردود الفعل
شهدت بداية موسم التسوق في العطلات أداءً قويًا، حيث تجاوز الإنفاق الاستهلاكي خلال الجمعة السوداء وسايبر الاثنين التوقعات. ومع ذلك، كان رد فعل السوق متباينًا، حيث لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية الأمريكية. صعد سهم Williams-Sonoma بنسبة 1.3%، بينما انخفض سهم Best Buy بنسبة 2.6%.
أداء الأسواق العالمية: أوروبا واليابان
في أسواق الأسهم الخارجية، كان الأداء مختلطًا. انخفض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 0.3%، متأثرًا جزئيًا بخسارة شركة إيرباص بنسبة 5.8% بعد اكتشاف خلل في البرامج قد يؤثر على ضوابط الطيران في أسطولها من طائرات A320. في اليابان، انخفض مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1.9% بسبب المخاوف بشأن احتمال رفع أسعار الفائدة.
نظرة على سوق السندات
ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.09% من 4.02% يوم الجمعة. شهد هذا الارتفاع تباطؤًا مؤقتًا بعد أن أظهر تقرير أن نشاط المصنعين الأمريكيين تقلص الشهر الماضي أكثر مما توقعه الاقتصاديون. وتشير البيانات إلى أن الشركات المصنعة تواجه ضغوطًا على الوظائف وأن التعريفات الجمركية تزيد من تعقيد سلسلة التوريد.
الخلاصة
يشهد السوق المالي العالمي حالة من التقلب مع تراجع الأسهم الأمريكية وانخفاض سعر البيتكوين. يعزى هذا التراجع إلى ارتفاع عوائد السندات، والمخاوف بشأن التضخم، وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية. من المهم للمستثمرين مراقبة هذه التطورات بعناية واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. مع استمرار التطورات الاقتصادية، من المتوقع أن تشهد الأسواق المزيد من التقلبات في المستقبل القريب. تظل الاستثمارات في هذا النوع من الأسواق محفوفة بالمخاطر، ويتطلب الأمر دراسة متأنية قبل اتخاذ أي قرار.
