الاقتصاد الأمريكي يواصل النمو رغم التضخم.. وول ستريت تحقق أرقامًا قياسية
شهدت وول ستريت يومًا إيجابيًا آخر، حيث أغلقت الأسهم عند مستوى قياسي جديد، مدفوعة بتقرير قوي عن النمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام. يأتي هذا الأداء القوي على الرغم من استمرار التحديات المتعلقة بالتضخم وتراجع ثقة المستهلك، مما يعكس صورة معقدة للاقتصاد الأمريكي. هذا التقرير يركز على تحليل أداء الأسهم الأمريكية وتأثير العوامل الاقتصادية المختلفة عليه.
أداء الأسهم الأمريكية وارتفاع المؤشرات الرئيسية
على الرغم من تراجع أداء معظم الأسهم المكونة للمؤشر الرئيسي، تمكن مؤشر S&P 500 من تحقيق رقم قياسي جديد، مرتفعًا بمقدار 31.30 نقطة، أو 0.5%، ليصل إلى 6909.79 نقطة. هذا الارتفاع يعكس قوة قطاع التكنولوجيا، الذي لعب دورًا حاسمًا في دفع المؤشرات الرئيسية إلى مستويات قياسية على مدار العام.
- مؤشر داو جونز الصناعي: ارتفع بمقدار 79.73 نقطة، أو 0.2%، ليصل إلى 48442.41 نقطة.
- مؤشر ناسداك المجمع: شهد ارتفاعًا ملحوظًا بمقدار 133.02 نقطة، أو 0.6%، ليصل إلى 23561.84 نقطة.
دور شركات التكنولوجيا في دعم السوق
كان سهم Nvidia هو المحرك الرئيسي لارتفاع السوق، حيث قفز بنسبة 3%، مما يؤكد تأثير الشركات التكنولوجية الكبرى ذات التقييمات الضخمة على اتجاه السوق الأوسع. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع سهم Alphabet، الشركة الأم لـ Google، بنسبة 1.5%. هذه الشركات تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي وتعتبر مؤشرًا على صحة سوق الأسهم.
نوفو نورديسك تحقق مكاسب كبيرة
شهد سهم نوفو نورديسك قفزة كبيرة بنسبة 7.3% بعد موافقة الجهات التنظيمية الأمريكية على نسخة قرصية من عقار Wegovy لإنقاص الوزن، وهو أول دواء يومي يتم تناوله عن طريق الفم لعلاج السمنة. هذا الإنجاز يعزز مكانة الشركة في سوق الأدوية المتنامي.
النمو الاقتصادي والتضخم: صورة متضاربة
أظهرت البيانات الاقتصادية أن الاقتصاد الأمريكي نما بمعدل سنوي 4.3% خلال الربع الثالث، وهو ما يعكس نموًا بنسبة 3.8% في الربع الثاني. ومع ذلك، أظهر التقرير أيضًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا، حيث ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى وتيرة سنوية بلغت 2.8% في الربع الأخير، مقارنة بـ 2.1% في الربع الثاني. هذا التضخم المستمر يمثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد ويؤثر على الاستثمار في الأسهم.
موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات أسعار الفائدة
يتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي نهجًا حذرًا في ظل هذه الإشارات المتضاربة من الاقتصاد. النمو الاقتصادي المستمر يتزامن مع تضخم أعلى من الهدف المحدد من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلى تباطؤ سوق العمل. هذا الوضع يضع البنك المركزي في مأزق، حيث يجب عليه الموازنة بين مخاطر التضخم والحفاظ على أسواق العمل قوية.
- توقعات أسعار الفائدة: خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2023، وتنقسم لجنة تحديد أسعار الفائدة حول إجراء تخفيضات إضافية في عام 2024.
- توقعات وول ستريت: تتوقع وول ستريت أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه القادم في يناير.
ثقة المستهلك والإنفاق الاستهلاكي
تأثر الإنفاق الاستهلاكي وثقة المستهلك سلبًا بسبب مخاوف بشأن ارتفاع الأسعار، خاصة مع احتمال نشوب حرب تجارية واسعة النطاق قد تدفع أسعار العديد من السلع إلى الارتفاع. أظهرت البيانات أن ثقة المستهلك في ديسمبر انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ تطبيق التعريفات الجمركية في أبريل. كما أن مبيعات التجزئة تظهر علامات ضعف، مما يشير إلى تزايد حذر المستهلكين.
نظرة عالمية على الأسواق
كانت الأسواق مختلطة في آسيا وأوروبا. في المقابل، استمر سعر الذهب في الارتفاع، مرتفعًا بنسبة 0.8% إلى 2050.70 دولارًا للأونصة، مسجلاً ارتفاعًا بنحو 70% لهذا العام. واستقرت أسعار النفط نسبيًا بعد أن قفزت في اليوم السابق، حيث ارتفع الخام الأمريكي القياسي بنسبة 0.6% إلى 73.38 دولارًا للبرميل، وارتفع سعر خام برنت، المعيار الدولي، بنسبة 0.5% إلى 78.38 دولارًا للبرميل.
في الختام، على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة، أظهرت الأسهم الأمريكية مرونة وقدرة على تحقيق مكاسب. ومع ذلك، من المهم مراقبة التطورات الاقتصادية عن كثب، بما في ذلك بيانات التضخم وأداء سوق العمل، لتقييم المخاطر والفرص المحتملة في المستقبل. يجب على المستثمرين البقاء على اطلاع دائم بالتطورات واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة بناءً على تحليل شامل للوضع الاقتصادي.

