في الأسابيع الأخيرة، واجه زوج اليورو/الدولار ضغوطًا كبيرة مع انخفاضه بشكل مستمر لمدة خمسة أسابيع متتالية دون أي مؤشر على التعافي. هذا الضغط المستمر على اليورو يعكس ضعفًا في العملة الأوروبية، حيث بدأ الزوج الأسبوع الحالي بتراجع إضافي، مما يعكس استئناف التوجه السلبي الذي شهدناه في الأسابيع الماضية. في ظل هيمنة الدولار، تشير البيانات الأخيرة واتجاهات السوق إلى أن المستقبل لا يبدو مشرقًا لليورو في الوقت الحالي.

كيف أثرت بيانات الوظائف الأمريكية غير الزراعية على اليورو/الدولار أثرت بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية (NFP) التي تم إصدارها يوم الجمعة بشكل كبير على حركة أسعار العملات، وخاصة على زوج اليورو/الدولار. أظهرت البيانات أن الاقتصاد الأمريكي أضاف 256,000 وظيفة في ديسمبر، وهو ما تجاوز التوقعات التي كانت تشير إلى إضافة 164,000 فقط. كما انخفض معدل البطالة إلى 4.1%، وهو أفضل من التوقعات التي كانت تشير إلى 4.2%. هذا الأداء القوي لسوق العمل الأمريكي أدى إلى تعزيز الدولار الأمريكي، حيث أقبل المتداولون على شراء الدولار على إثر البيانات الإيجابية، مما دفع مؤشر الدولار إلى مستويات قياسية جديدة.

البيانات القوية عن الوظائف دفعت المتداولين إلى إعادة تقييم توقعاتهم بشأن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. التكهنات تشير إلى أن الفيدرالي سيحافظ على سياسة تشديد الفائدة في المستقبل، أو على الأقل لن يتبنى سياسة مرنة في الوقت الحالي. هذه التوقعات أدت إلى ارتفاع الدولار الأمريكي، حيث بدأ المستثمرون في تسعير احتمالية أن الاحتياطي الفيدرالي قد يتوقف عن خفض الفائدة في يناير. في الواقع، تقلصت احتمالات خفض الفائدة هذا الشهر بشكل كبير، مع اعتقاد المتداولين الآن أن الفيدرالي قد لا يخفض الفائدة أكثر من مرتين خلال العام الحالي. هذا التحول في التوقعات دفع الدولار إلى الارتفاع بشكل كبير، مما وضع ضغوطًا إضافية على اليورو.

البيانات القادمة: CPI و PPI وتأثيرها على اليورو/الدولار بالتطلع إلى المستقبل، سيكون لهذا الأسبوع تأثير كبير على حركة اليورو/الدولار، حيث ستصدر بيانات التضخم الأمريكية التي قد تؤثر بشكل كبير على قيمة الدولار الأمريكي. من المتوقع أن يتم الإعلان عن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) يوم الأربعاء، في حين سيصدر مؤشر أسعار المنتجين (PPI) يوم الثلاثاء. تشير التوقعات إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين سيرتفع بنسبة 2.9% على أساس سنوي، وهو ما يمثل زيادة من 2.7% في البيانات السابقة. أما بالنسبة لمؤشر أسعار المنتجين، فمن المتوقع أن يرتفع بنسبة 0.4%. هذه الأرقام تمثل تحديًا كبيرًا لليورو، حيث أن أي مفاجأة إيجابية في هذه البيانات من شأنها دعم الدولار الأمريكي بشكل إضافي.

إذا جاءت بيانات التضخم أقوى من المتوقع، فإن الدولار الأمريكي سيكتسب مزيدًا من القوة، حيث قد يشعر الاحتياطي الفيدرالي بأنه مضطر لتبني سياسة أكثر تشددًا لمواجهة التضخم المتزايد. هذا التطور سيكون له تأثير سلبي على اليورو، حيث أن التوقعات بأن الفيدرالي سيشدد سياسته النقدية في مواجهة التضخم ستحفز المتداولين على زيادة شراء الدولار. في هذه الحالة، سيكون من الصعب على اليورو الحفاظ على قوته أمام الدولار، مما يضع مزيدًا من الضغط على زوج اليورو/الدولار.

من ناحية أخرى، إذا كانت بيانات التضخم أضعف من المتوقع، أو حتى خيبت الآمال، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع في قوة الدولار، مما قد يقدم بعض الراحة لليورو على المدى القصير. ومع ذلك، يبقى الاتجاه العام لصالح الدولار، حيث أن أي تقرير سلبي قد يلفت الانتباه إلى المشاكل الاقتصادية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية والتركيز الكبير للاحتياطي الفيدرالي على مواجهة التضخم. بالتالي، سيكون من الصعب على اليورو أن يحقق انتعاشًا مستدامًا ضد الدولار إذا استمرت هذه الظروف.

البنك المركزي الأوروبي واليورو تلعب السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي دورًا رئيسيًا في تحديد اتجاه اليورو. بالرغم من التصريحات المتشددة التي أُدلي بها في الماضي، إلا أن البنك المركزي الأوروبي يواجه صعوبة في معالجة الضغوط التضخمية المستمرة في منطقة اليورو، بالإضافة إلى النمو الاقتصادي البطيء. كما أن بعض دول منطقة اليورو تشهد نموًا اقتصاديًا أبطأ من المتوقع، مما يزيد من تعقيد الوضع. البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت صورة مختلطة بشأن اليورو، حيث تعاني العديد من الدول من التباطؤ في النمو، مما يضعف من جاذبية اليورو مقارنة بالدولار.

ومع ذلك، لا يزال البنك المركزي الأوروبي يلتزم بسياسته النقدية السهلة مقارنةً بالاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يعزز التباين بين السياسة النقدية الأمريكية والأوروبية. يتوقع العديد من المحللين أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة إذا استمر التضخم في الارتفاع، مما يجعل من الصعب على اليورو العثور على زخم صعودي. في ظل هذه الظروف، يصبح الدولار الأمريكي أكثر جذبًا، خاصة عندما يتم دمج قوته الاقتصادية مع السياسة النقدية الأكثر تشددًا.

يبقى البنك المركزي الأوروبي في موقف صعب، حيث لا يبدو أن لديه القدرة على تقديم نفس الدعم لليورو الذي يقدمه الاحتياطي الفيدرالي للدولار. بينما يواصل الاحتياطي الفيدرالي اتباع سياسة نقدية أكثر تشددًا، يواجه البنك المركزي الأوروبي صعوبة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في منطقة اليورو. هذه الفجوة في السياسات النقدية تساهم في استمرار الضغط على اليورو مقابل الدولار، مما يجعل التوقعات بالنسبة للزوج في المستقبل القريب مائلة إلى الجانب السلبي.

الختام لا يزال زوج اليورو/الدولار تحت الضغط، حيث تهيمن معنويات سلبية على حركة الزوج. البيانات القوية للوظائف الأمريكية عززت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيظل في موقف متشدد، مما يزيد من الضغط على اليورو. إن إصدار بيانات التضخم الحاسمة هذا الأسبوع، مثل CPI وPPI، سيكون حاسمًا في تحديد ما إذا كان الدولار سيواصل قوته أم أن اليورو يمكنه العثور على بعض الدعم. على الرغم من نهج البنك المركزي الأوروبي الأكثر ليونة والصعوبات الاقتصادية المستمرة في منطقة اليورو، لا تزال التوقعات بالنسبة لليورو غير مشجعة، ومن المحتمل أن يظل الزوج في حالة تقلبات على مدار الأسبوع.

شاركها.
Exit mobile version